الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في إجابة الدعاء, وهل الابتلاء دليل محبة الله

السؤال

ماذا أفعل إن دعوت الله بدعوة أريدها أن تتحقق لي عاجلا، فلم تستجب لي، وبسبب تأخرها أبكي وأتألم دائماً، ولكنني أثق بربي سبحانه وأعلم أنه أخرها لحكمة منه سبحانه، ولكنني أريدها أن تتحقق لي بسرعة؟ وكيف أعلم أن الله سبحانه وتعالى يحبني؟ وهل تتبين محبته لي في أعمال معينة من الدنيا؟ وقد أتتني ابتلاءات كثيرة، فكيف أعرف بأنها ابتلاءات محبة من الله لي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فينبغي لك إذا دعوت الله بحاجة أن تحسني الظن به سبحانه وتعالى وأن تلحي في الدعاء، فإن الله تعالى يحب الإلحاح في الدعاء، وفي الحديث الصحيح: وَلْيُعَظِّمْ الرَّغْبَة ـ قال الحافظ: وَمَعْنَى قَوْله: لِيُعَظِّم الرَّغْبَة ـ أَيْ يُبَالِغ فِي ذَلِكَ بِتَكْرَارِ الدُّعَاء وَالْإِلْحَاح فِيهِ. اهـ.

وينبغي لك أيضا أن تصبري على ما يقدره لك من إعطائك عين ما سألت أو حرمانك منه، ولا تضجري ولا تقولي دعوت فلم يستجب لي، ففي الحديث الصحيح: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، فَيَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي. رواه مالك والشيخان.

وإجابة الدعاء لا يلزم منها أن يعطيك الله تعالى عين ما سألت فربما كان فيه هلاكك أو الضرر عليك: وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ـ فيمنعك الله تعالى مما سألت حماية لك ويكون هذا من محبته، فقد جاء في الحديث الصحيح: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ مِنْ الدُّنْيَا، وَهُوَ يَحْمِيهِ كَمَا تَحْمُونَ مَرِيضَكُمْ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ تَخَافُونَهُ عَلَيْهِ. رواه أحمد.

ورواه أبو داود بلفظ: إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا حَمَاهُ الدُّنْيَا كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ الْمَاءَ. اهـ.

وإجابة الدعاء تقع بواحد من ثلاث يختارها الله لك: إما أن يعطيك عين ما سألت، أو يصرف عنك من السوء مثله، أو يدخر لك ثوابها في الآخرة، ففي مسند الإمام أحمد من حديث أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ.

وأما كيف تعلم أن الله تعالى يحبك: فمحبة الله تعالى لعبده أو بغضه له أمر غيبي لا يمكن الاطلاع عليه، ولكن بين الله تعالى لنا في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الأسباب التي ننال بها محبته، فمن فعلها فإنه يرجى أن يكون ممن يحبهم الله، والابتلاء قد يكون علامة على محبة الله وقد يكون اختبارا وغير ذلك، وقد سبق لنا بيان الحكمة من الابتلاء في الفتويين رقم: 13270، ورقم: 69389، والفرق بين الابتلاء والمصيبة، في الفتويين رقم: 27585، ورقم: 57255.

وانظري الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى في الفتويين رقم: 29982، ورقم: 21885، عن علامات ودلائل حب الله لعبده، ومثلها الفتوى رقم: 224545.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني