الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل نسبة الإنسان فعل الخير لنفسه يعتبر من العجب

السؤال

لا شك أن الإنسان مخير , فهل يصح أن ينسب العبد فعل الخير لنفسه إذ اختار أن يفعل الخير بدل الشر؟ أم أنه من العجب, إذ إن فعل الخير من فضل الله عليه ورحمته به؟ وإذا كان من العجب, فكيف نوفق بين كون الإنسان مخيرا، وأن كل خيار صائب هو من فضل الله؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالإنسان مخير ومسير معا، وقد سبق توضيح ذلك في الفتوى رقم: 155711، وإحالاتها.

وأفعال العبد تنسب إليه قياما ومباشرة وصدورا منه، وتنسب أيضا إلى الله تعالى قضاء وقدرا وخلقا لأسبابها، قال ابن القيم: والحق في نفس الأمر: نسبة الأفعال إلى الفاعلين قياما ومباشرة وصدورا منهم، وذلك محل الأمر والنهي والثواب والعقاب، والقدح في ذلك مستلزم لإبطال الشرع والجزاء، فإن الشرع إنما أمر بأفعالنا ونهى عنها، والجزاء إنما ترتب عليها، فشهود أفعالنا كذلك من تمام الإيمان بالشرع والجزاء، ونسبتها إلى الرب تعالى قضاء وقدرا وخلقا للأسباب التي منها إرادتنا وقدرتنا، فلم يجبرنا عليها ولم يكرهنا، بل خلقها بما أعطانا من القدرة والإرادة اللتين هما من أسباب الفعل، فهذا المشهد يحقق عبودية: إياك نستعين ـ والمشهد الأول يحقق عبودية: إياك نعبد ـ وهما يحققان مشهدي: فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا * وما تشاءون إلا أن يشاء الله ـ وقوله: لمن شاء منكم أن يستقيم * وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين. اهـ

وقال أيضا: وتلخيص ما ذكره شيخنا ـ رحمه الله ـ أن للفعل وجهين: وجه قائم بالرب تعالى، وهو قضاؤه وقدره له وعلمه به، ووجه قائم بالعبد، وهو ما يصدر عنه من أفعال، والعبد له ملاحظتان: ملاحظة للوجه الأول وملاحظة للوجه الثاني، والكمال أن لا يغيب بأحد الملاحظتين عن الأخرى، بل يشهد قضاء الرب وقدره ومشيئته، ويشهد مع ذلك فعله وجنايته وطاعته ومعصيته، فيشهد الربوبية والعبودية، فيجتمع في قلبه معنى قوله: لمن شاء منكم أن يستقيم ـ مع قوله: وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ـ وقوله: كلا إنه تذكرة * فمن شاء ذكره * وما يذكرون إلا أن يشاء الله.

فالموفق من يتسع صدره لشهود هذين المشهدين، فيشهد فعله للخير والصواب بتوفيق الله سبحانه له: فيرى ذلك كله من عين المنة والفضل مستعملا فيه قد أقيم فيه لا أنه قد قام هو به. اهـ

وعند ذلك يزول إعجاب المرء بنفسه بإذن ربه، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 116993، 162677، 198185.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني