الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دعاء الشخص على من يسيء إليه

السؤال

مشكلتي مع ابنة خالي المتزوجة التي توفي والداها، فاضطرت أن تأتينا في فترة الإجازات، وهذه المرأة اعتبرناها من العائلة ونعاملها معاملة حسنة، ومشكلتي معها أنها تنظر إلي نظرة دونية وباحتقار، علما بأنني ويشهد علي الله أنني أحترمها وأعاملها أفضل معاملة، وقد لاحظت أنها منذ أكثر من عشر سنوات تناديني بلقب بذيء جدا، والغرض منه التقليل والاحتقار، وشخصيتي ضعيفة جدا، ولا أستطيع مواجهتها ولا الدفاع عن نفسي، وتناديني بهذا اللقب ثم تضحك بصوت عال، وتقول اعذريني نسيت اسمك أمام الناس، وأرى في وجوهم الاستغراب والضحك إلى أن أصبحت انطوائية ولا أخرج للناس، ودائما تستهزئ بشكلي، وتقول أنت بشعة لا تخرجي للناس، وأخواتك أجمل منك، لأنني تأخرت عن الزواج، إلى أن حصل شجار بيني وبينها بسبب ما تسميني به، وأخذت تبكي بصوت عال، وتقول أختكم ظلمتني، فقام إخواني بضربي وهددوني بإخراجي من المنزل، وأمي وقفت معها، ففكرت في حل مع هذه المرأة، فلم أجد سوى الدعاء عليها في شهر رمضان، وخاصة في ليلة القدر، فما حكم الدعاء عليها؟ وما هي صفته؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لتلك المرأة ما تفعله معك من الازدراء والاحتقار ونحوه، وينبغي أن تذكريها بالله تعالى، وتبيني لها حرمة ما تفعله، واستعيني على ذلك بذوي الرأي والحكمة من أهلك، فتذكرون لها حرمة تحقير المسلم وازدرائه، وتذكروها بقول الله تعالى: وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ{الحجرات:11}. وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: الكبر بطر الحق وغمط الناس.

وغمط الناس أي احتقارهم، وبنحو ذلك من النصوص، فإن تابت وندمت على فعلها فالحمد لله، وإن أصرت على ذلك فيجوز لك هجرها وتجنبها، فإن هجر من يؤذي جائز لا حرج فيه، قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.

ويجوز لك الدعاء عليها بقدر ظلمها لك، فتدعين الله أن يأخذ لك حقك منها، وأن يعاقبها بظلمها ونحو ذلك، والأولى من ذلك والأفضل أن تعفي عنها وتصفحي وتدفعي سيئتها بالحسنة، فإن ذلك مجلبة للمودة، كما أنه أعظم في أجرك ومثوبتك كما قال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43}. وقال: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:134}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا. أخرجه مسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني