الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المدائح النبوية والغناء بين الحرمة والإباحة

السؤال

هل الأغاني حرام وحتى المدائح النبوية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالأغاني التي تشتمل على محرم كالدعوة للمجون ووصف مفاتن النساء ونحو ذلك محرمة باتفاق الفقهاء.
وكذلك إذا صحبتها آلات الملاهي والموسيقى -غير الدف- فتكون أيضاً محرمة، ولو خلت مما يدعو إلى الحرام في مشهور المذاهب الأربعة، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: " ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحِر(أي الفرج المحرم) والحرير والخمر والمعازف " رواه البخاري في صحيحه معلقاً ووصله أبو داود وغيره، وهو حديث صحيح صححه جمع من الحفاظ.
وأباحها الظاهرية، ومن وافقهم من المتأخرين.
أما إذا خلت الأغاني من الألفاظ والمعاني المحرمة، ولم يصحبها محرم كالآلات الموسيقية والاختلاط ونحوه فقد اختلف فيها الفقهاء على ثلاثة أقوال:
الأول: التحريم مطلقاً وذهب إليه بعض الحنفية وبعض الحنابلة.
الثاني: الكراهة وذهب إليها الشافعية.
الثالث: الإباحة وذهب إليها المالكية وبعض الحنفية وبعض الحنابلة. وهذا القول هو الراجح -إن شاء الله- وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص فيه في العيد، كما في حديث عائشة رضي الله عنها: "كانت عندي جاريتان تغنيان فدخل أبو بكر فقال: مزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دعهما فإنها أيام عيد " متفق عليه.
وتستحب لإعلان النكاح، من النساء والجواري خاصة، لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة وقد زفت امرأة من الأنصار: " يا عائشة ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو " رواه البخاري وأحمد، وفي بعض رواياته: " فهل بعثتم معها جارية تضرب الدف وتغني... " وذكر لها ما تغني به من الشعر المباح.
ولكن نقل الموفق ابن قدامة في المغني حرمة اتخاذ الغناء حرفة، وأن من استكثر منه فهو إما فاسق، وإما ساقط المروءة، ترد شهادته، وعلى كل حال فإن تركه أولى وأحفظ لدين المرء ووقته.
أما المدائح النبوية فإذا كانت صحيحة المعنى ليس فيها شرك ولا غلو ونحوه، فهي جائزة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم مُدح في وجهه من حسان بن ثابت وعمه العباس وكعب بن زهير وغيرهم من شعرائه ولم ينكر، بل استحسن ذلك.
وقد جوز الفقهاء سائر أنواع الإنشاد ما لم يخرج إلى حد الغناء، كما ذكر ابن قدامة في المغني 14/162 والغالب في المدائح النبوية اليوم أنها لا تخلو من شرك بالله كالاستغاثة بالنبي، أو التوسل غير المشروع به صلى الله عليه وسلم، أو غلو في مدحه، وقد نهى عن ذلك بقوله: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله " أخرجه البخاري عن عمر.
وقد لا تخلو من الآلات المحرمة كالطبول وآلات الموسيقى، أو يقصد بالسلوك عليها إحداث طريقة تضاهي الطرق الشرعية، وهي بهذا الاعتبار بدعة، " وكل بدعة ضلالة " كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه الترمذي.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني