الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم هجر الرجل امرأته خمسة أشهر بسبب إرادته طلاقها حين الرجوع لبلده

السؤال

أنا مقيم خارج بلدي، لظروف العمل، ومعي زوجتي، وطفلتي، وحدث بيني وزوجتي ما جعلني لا أطيق النظر إليها، فهجرتها في غرفة منفصلة في بيت الزوجية، وقررت الطلاق شريطة أن تتنازل لي عن حضانة ابنتي التي قارب عمرها العامان، ولكني أرجأت أمر الطلاق لحين العودة إلى بلدنا بعد 5 أشهر، والاجتماع بأهلها لبحث إجراءات الطلاق، والسؤال: خلال هذه الفترة هل لها عليّ حق النكاح؟ وكيف ذلك وقد بلغت كراهيتي لها مبلغًا؟ فهل عليّ إثم في هجرها طوال تلك الفترة (5 أشهر)؟ وما العمر المفترض شرعًا للطفلة الذي يحق لي عنده طلب حضانتها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فكراهيتك لزوجتك لا يبيح لك منعها شيئًا من حقها، بل يجب عليك أداء جميع حقوقها إليها ما دامت في عصمتك، ولم تفعل ما يسوغ هجرها من نشوز، ونحوه.

والوطء حق للزوجة على زوجها حسب قدرته، ورغبتها، فهجرك لزوجتك هذه المدة فيه ظلم، وإثم، فهجر الزوجة له ضوابطه التي تجب مراعاتها، وقد بيناها في الفتوى رقم: 71459.

وننبه إلى أن هنالك خلافًا بين أهل العلم في ترك الزوج الوطء فوق أربعة أشهر هل يعتبر إيلاء أو لا؟ وقد سبق لنا بيان أقوال أهل العلم في هذا في الفتوى رقم: 208993.

ثم إن كره الزوجة لا يستدعي طلاقها، فإنها إن كانت فيها بعض جوانب السوء، فقد يكون فيها من جواب الخير الكثير؛ ولذا قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}، وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا، رَضِي مِنْهَا آخَرَ.

قال النووي -رحمه الله-: أَيْ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا؛ لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ، وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا, بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ، لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ، أَوْ جَمِيلَةٌ، أَوْ عَفِيفَةٌ، أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. اهـ.

ويمكن أن تكون هنالك مصالح عظيمة تقتضي الصبر عليها وإمساكها، كما هو الحال فيما إن كانا قد رزقا الولد، فالمطلوب التريث قدر الإمكان، وعدم التعجل للطلاق حتى يتبين أن مصلحته راجحة.

وبخصوص الشق الأخير المتعلق بالحضانة راجع الفتوى رقم: 6256 ، والفتوى رقم: 96892 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني