الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هو طلاق التنزه؟ وهل هو واجب أم مستحب؟

السؤال

مشايخنا الفضلاء -أثابكم الله- أفيدوني بالجواب عن السؤال أدناه: لقد تزوجت من فتاة ذات خلق، ودين، ومنحنا الله ألفة بين أهلينا, وهي تساعدني في الاعتناء بوالديّ الكبيرين في السن، وكل منا محتاج للآخر، وبعد مضي حوالي سنتين، أتاني عمي، وأخبرني أنها بنت أختي من الرضاعة؛ لأن امرأة أرضعتها، ذكرت له أنها رضعت من مرضعة لي, ولم يكن لدى أي منا علم بذلك من قبل، رغم أن هذه المرأة من وسطنا الاجتماعي, والمرضعة التي ذكرت متوفاة، وقال العم بأنه سأل عن الحكم، فأخبر بأنه في هذه الحالة يطلب مني طلاق التنزه عند فقهاء المالكية، فنرجو من فضيلتكم التوضيح, ما هو طلاق التنزه؟ وهل هو واجب أم مستحب؟ مع ما أمكن من الدليل والتأصيل -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

مما لا شك فيه أن الرضاعة تحرم ما تحرمه الولادة، كما جاءت بذلك السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 30891.

وبخصوص حالتك هذه: فالذي يظهر لنا - والله أعلم - أن هذا الرضاع لم يثبت، ولا يمكن اعتباره؛ لأنه في إطار المشكوك فيه، فلا تحرم عليك هذه المرأة بسببه، ولكن يستحب لك التنزه، وفراقها.

جاء في شرح الخرشي المالكي عند قول خليل: وَنُدِبَ التَّنَزُّهُ مُطْلَقًا): يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّنَزُّهُ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ لَا تُوجِبُ فِرَاقًا، بِأَنْ كَانَتْ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ أُمَّ أَحَدِهِمَا، أَوْ أَجْنَبِيَّةً، أَوْ كَانَتْ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَحْدَهُ وَلَوْ كَانَ عَدْلًا، أَوْ كَانَتْ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ فُشُوٌّ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَمَعْنَى التَّنَزُّهِ بِأَنْ لَا يَتَزَوَّجَهَا إنْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً، أَوْ يُطَلِّقَهَا إنْ كَانَتْ زَوْجَةً. اهـ.

وبناء على ذلك، فإذا تنزهت، وفارقتها، كان ذلك من الورع، والاحتياط في أمر الدين، عملًا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه أحمد، والترمذي، والنسائي.

وهذا الاحتياط مستحب، ولا يجب، وإن أبقيتها في عصمتك، فذلك لك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني