الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تعليق الطلاق بقول: حرام طلاق

السؤال

حصل إطلاق نار فاختبأت، حيث كنت خائفا جدا، وأثناء اختبائي قلت: حرام، طلاق، وأنني إذا سلمت من هذا الموقف سوف أحافظ على الصلاة في المسجد مع الجماعة ـ علما بأنني متهاون بالصلاة ـ وسوف أمتنع عن العادة السرية، لأنني أحيانا أمارسها، فأنا مغترب عن زوجتي، وقلت ذلك لأرضي ربي، وأن يخلصنا من الموقف، علما بأنني أعاني من وساوس ومخاوف، وأستخدم لها العلاج حاليا، فهل إذا رجعت للتهاون بالصلاة تحرم علي زوجتي؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسيكون الجواب في النقاط التالية:

1ـ صدور ألفاظ التحريم والطلاق من الزوج في حالة الخوف الشديد أو الوسوسة لا يمنع من ترتب آثارها الشرعية عليها، مادام الزوج في إدراكه ووعيه، وينظر في طلاق الموسوس الفتوى رقم: 56096.

ولعلاج الوسوسة نوصيك بالنظر في الفتوى رقم: 95053، ورقم: 3086.

2ـ قول الزوج: طلاق ـ هكذا بالتنكير وبغير إسناد إلى الزوجة يعتبر من ألفاظ الطلاق، ولكن اختلف أهل العلم أهو من صريح الطلاق أم من كنايات الطلاق؟ ووجه جعله من صريح الطلاق ما ذكره العلامة الدرير في صريح الطلاق: وطلاق بالتنكير أي: يلزمني, أو عليك, أو أنت طلاق, أو علي طلاق, وسواء نطق بالمبتدأ كأنت، أو بالخبر كعلي أم لا, لأنه مقدر والمقدر كالثابت. انتهى.

وعلى القول بأنه من الصريح، فإنه لا يفتقر إلى نية الطلاق، بل يقع بنفس اللفظ إذا تحقق الشرط الذي علق الطلاق عليه، وينظر الخلاف في هذه المسألة في الفتوى رقم: 150815 ، وما أحيل عليه فيها.

3ـ على أن لفظة: طلاق ـ من صريح الطلاق لا من كناياته، فقد اختلف العلماء عند تعليق هذا اللفظ على شرط هل يعتبر طلاقا معلقا أم يمينا؟ فذهب جماهير أهل العلم إلى أنه طلاق معلق يقع عند تحقق شرطه، حاله في ذلك حال اليمين والظهار إذا علقا على شرط, وهو القول الراجح الذي عليه الفتوى في الشبكة الإسلامية، واختار بعض الفقهاء أن الطلاق المعلق على شرط إذا قصد به الحث أو الزجر فليس طلاقا معلقا، بل هو يمين مشروطة، كما في صورة السؤال لأن الزوج أراد بقول: حرام، طلاق، إذا سلمت من هذا الموقف سوف... حمل نفسه على المحافظة على صلاة الجماعة وزجرها عن الاستمناء، وينظر الخلاف في هذه المسألة في الفتويين رقم: 19162، ورقم: 11592.

4ـ فإذا اجتمع اللفظان المتقدمان: حرام، طلاق ـ فقد بينا ما يترتب على ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 135167، فأغنى ذلك عن الإعادة والتكرار.

5ـ الطلاق المشروط بالسلامة من الطلق الناري مع المحافظة على صلاة الجماعة وترك الاستمناء يقع إذا تحققت السلامة وتهاون صاحبه في صلاة الجماعة أو استمنى، لتحقق شرطه عندئذ وهو السلامة المقترنة بفعل الاستمناء أو ترك الجماعة، وبناء عليه، فإذا تهاون الزوج في صلاة الجماعة أو استمنى ترتب على ذلك ما بيناه في الفتوى المحال عليها في النقطة الرابعة، وينظر في وجوب صلاة الجماعة في المسجد وأهميتها الفتويين رقم: 1798، ورقم: 5153.

وينظر في حرمة الاستمناء وكيفية التخلص منه الفتوى رقم: 7170 .


6ـ وأخيرا نفيد السائل بأن التحريم ويمين الطلاق ليسا مما ينفع الإنسان في المصائب ويخلصه من الشدائد، بل يمين الطلاق من فعل الفساق، كما بيناه في الفتويين رقم: 200121، ورقم: 127075.

وكذلك التحريم والظهار من القول المنكر كما في صدر سورتي التحريم والمجادلة، وإنما السبيل للنجاة في الشدائد هو المداومة على الطاعات وترك المنكرات في الرخاء ، كما في صحيح الجامع الصغير من حديث أبي هريرة مرفوعا: تَعَرَّفْ إِلَى الله فِي الرَّخاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني