الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الطلاق في الغضب الشديد

السؤال

خرجت من مصر بسبب الأحداث الأخيرة مطاردا، وتركت زوجتي واثنتين من بناتي؛ إحداهن تم عقد قرانها، والأخرى في المرحلة الثانوية، تركتهن ولهن مسكن باسم زوجتي وسيارة، كما تركت كل ما معي وهو يكفي لتجهيز البنتين للزواج، وقام أصدقائي وإخواني بالتعهد بمصروف شهري يكفيهن تماما، وهو منتظم منذ ثمانية أشهر، خرجت من مصر بمبلغ يخص أحد أصدقائي، واستسمحته في أن يكون سلفة أردها حين الميسرة، فوافق، وخلال تنقلي بين البلدان صرفت جزءا كبيرا من المبلغ، ولما قررت الاستقرار في البلد الذي أنا فيه الآن دخلت في تجارة ولكنها متعثرة، وفي هذه الأثناء كنت على اتصال بالكثيرين من معارفي للاطمئنان على أحوالي، ومنهم سيدة كانت من زملاء العمل قد تم طلاقها، وقد تعاطفت مع وضعي في الغربة، وتطور الأمر إلى الرغبة في الارتباط بها، وكان العائق الأساسي أنه ليس لي أي مصدر دخل ثابت إلا التجارة غير المستقرة، وبمبلغ زهيد لا يقيم بيتا، فطرحت فكرة أنها تعتمد على أشغال يدوية هي بارعة فيها، وأنا أساعدها في العمل والتسويق، وبذلك نؤمن الحد الأدنى من المعيشة، فوافقت على ذلك وعملت توكيلا لأحد أصدقائي، وقام بعقد القران، ثم أتتني في مستقري الأخير، وكنت أنوي عدم إخبار زوجتي الأولى حتى لا تتأثر نفسيا، ولكن قدر الله وما شاء فعل، فقد علمت وسألتني فأجبتها بصراحة، فثارت ثائرتها وطلبت الطلاق وأصرت عليه، أو الخلع، فرفضت ذلك، وأخيرا قامت مشاجرة تليفونية بسبب ظن كل واحدة منهما أن الأخرى ترسل لها رسائل سب. وأثناء هذه المكالمة سبتني سبا شديدا فطلقتها وكنا في شدة الغضب، وسبت أبي وسببت أباها، وحاولت إهانتي بأن زوجتي الثانية هي من تسيرني فأخبرتها أنني سأطلقها أيضا وبالفعل طلقتها، الأولى بالتليفون، وعدت إلى الثانية فأيقظتها وطلقتها، والآن نادم لأنني بالفعل لا أريد طلاق أي منهما، فهل وقعت التطليقتان؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمادمت طلقت زوجتيك مدركاً لما تقول غير مغلوب على عقلك، فطلاقك نافذ ولو كان غضبك شديداً، قال الرحيباني الحنبلي رحمه الله: وَيَقَعُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ غَضِبَ وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فِي حَالِ غَضَبِهِ.

وإذا لم يكن الطلاق مكملاً للثلاث، فلك مراجعتهما، أو من شئت منهما قبل انقضاء عدتها من غير حاجة إلى رضاها، وتحصل الرجعة بقولك: راجعت زوجتي، أو بجماعها. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 54195.

وننبهك إلى أنّ الغضب مفتاح الشر فينبغي الحذر منه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْصِنِي، قَالَ: لَا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ لَا تَغْضَبْ. رواه البخاري.

قال ابن رجب: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر وأن التحرّز منه جماع الخير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني