الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استحباب تقديم عمل صالح بين يدي الدعاء

السؤال

أيهما أفضل من حيث المرتبة الأولى: هل عندما أدعو أقدم بين يدي دعائي عملا صالحا، حتى يستجاب، أم أدعو من دون أن أقدم شيئا بين دعائي؟
مشكورين على حسن إجابتكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأفضل للداعي أن يقدم بين يدي دعائه عملا صالحا بنية خالصة، ويتوسل بذلك إلى الله تعالى، فإنه أرجى لقبول دعائه، فكلما تقرب العبد إلى الله تعالى، كانت رحمة الله، ومحبته، وإجابة دعائه أقرب إليه؛ ولذلك كان من آداب الدعاء، وأسباب إجابته حمد الله تعالى، والثناء عليه، والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء، والتقرب إليه بالفرائض، والنوافل، والأعمال الصالحة من الصدقة والصلة.

جاء في الدر المنثور للسيوطي: ... وأخرج ابن أبي حاتم عن مطر - رضي الله عنه- في قوله: {إليه يصعد الكلم الطيب} قال: الدعاء. وأخرج ابن المبارك، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الحسن - رضي الله عنه- في قوله: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} قال: العمل الصالح يرفع الكلام الطيب إلى الله، ويعرض القول على العمل؛ فإن وافقه رفع، وإلا رد. وأخرج ابن المبارك، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله:{إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} قال: العمل الصالح يرفع الكلام الطيب. اهـ.

وجاء في التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، للدكتور وهبة بن مصطفى الزحيلي عند تفسير قوله تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ {فاطر:10} قال: أي إن كنتم لا تصلون إلى الله، فهو يسمع كلامكم، ويقبل طيب الكلام، كالتوحيد، والأذكار، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعاء، وتلاوة القرآن وغير ذلك. ومن أفضل الأذكار: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. وإن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب. اهـ.

وروى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له حاجة إلى الله تعالى، أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ، وليحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين، ثم ليثن على الله عز وجل، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا، إلا قضيتها يا أرحم الراحمين. رواه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي: في إسناده مقال. لكن له شواهد قد يتقوى بها، والحديث وإن كان ضعيفا فإن الاعتماد عليه صحيح؛ لأن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال إذا كان مندرجا تحت أصل.

وقد قال النووي رحمه الله في مقدمة الأربعين والتبيان: واعلم أن العلماء من أهل الحديث وغيرهم جوزوا العمل بالضعيف في فضائل الأعمال. اهـ.

وجاء في كتاب الزهد لابن المبارك: أنا عقبة بن عبد الله الرفاعي، قال: حدثني القاسم بن عبيد، قال: قلت لأنس ابن مالك: يا أبا حمزة [ادعو] الله لنا. قال: الدعاء يرفعه العمل الصالح. اهـ.

فبان من جميع ما ذكر، أن الأفضل للداعي أن يقدم بين يدي دعائه عملا صالحا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني