الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يكفر من أخل بشرط من شروط الصلاة عامدًا غير قاصد الاستهزاء؟

السؤال

فضيلة الشيخ، أرجو أن تتفهموا سؤالي، وتقدروا حالتي، وتجيبوني بوضوح. هل يكفر الإنسان إذا صلى كاشفًا عورته عامدًا، أو صلى وهو جنب عامدًا، أو غير متوضئ، أو في مكان نجس، أو صلى إمامًا وهو مخل بشرط من هذه الشروط، علمًا أنه لا ينوي بذلك الاستهزاء بالدين؟ أرجو أن تجيبوني هل يكفر أم إن صلاته لا تصح فقط؛ لأني أعاني من وساوس الكفر بشدة، وقضية ستر العورة تجعلني أخاف بشدة قبل الصلاة، مع أني قرأت كثيرًا من الفتاوى الميسرة في هذا الباب، لكني أخاف بشدة من الكفر، ويستغرق وضوئي ربع ساعة، وغسلي حوالي ساعتين خشية أن أصلي، وأنا جنب، أو غير متوضئ عامدًا متعمدًا فأكفر، وكلما استعجلت في وضوئي لأطرد وسوسة الوضوء أخشى أن أصلي عامدًا وأنا غير متوضئ، فأكفر وأعود لما كنت عليه من الوسوسة، أرجو أن تساعدوني -جزاكم الله خيرًا، وبارك فيكم-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يصرف عنك الوساوس، ويرزقك طمأنينة النفس، وراحة البال، وننصحك بالإعراض الدائم عن كل تلك الوساوس، وستزول عنك -بإذن الله تعالى- وراجع الفتويين: 51601 - 128960 بهذا الخصوص.

واعلم أن الأمور التي ذكرت تعد من شروط الصلاة، ومن أخل بها عمدًا تبطل صلاته، لكنه لا يكفر خاصة إذا لم يفعلها استهزاء بشعائر الإسلام، وأنت صرحت بأنك لا تنوى الاستهزاء بالدين.

فعليك إذن الإتيان بالصلاة مع الطهارة، وستر العورة، ولكن لا ترهق نفسك بالمبالغة في ذلك، فالبس ثوبًا يسترك، وتطهر في حال الغسل بتعميم الماء على جسدك، ولا يشترط اليقين تمامًا من وصوله إلى جميع البدن، بل تكفي غلبة الظن في ذلك، وفي حال الوضوء اغسل أعضاء الوضوء المعروفة، وبذلك تكون قد انتهيت من الطهارة، وستر العورة، فادخل في صلاتك، وأدها كما أمرك الله، ولا تلتفت إلى ما يوسوس لك به الشيطان، فإنه يريد أن يفسد عليك عبادتك حتى يوصلك إلى مرحلة تترك فيها الصلاة بالكلية، فلا تطعه.

ثم اعلم أن دين الله يسر لا حرج فيه، ولا عنت؛ قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}، وقال سبحانه: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة:286}؟

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا. رواه البخاري.

فارفق بنفسك، وتذكر رحمة الله ولطفه، وأنه لم يطلب منك إلا ما تطيق، واعلم أن علاج الوساوس في الدعاء، وفي الإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها، وليس في مغالبتها، ومحاولة الوصول إلى ما لا يمكن أن يصل إليه الموسوس من اليقين، والطمأنينة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني