الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ميراث الزوجة الأجنبية إذا لم يكن لها ورثة

السؤال

لي عم تزوج من أجنبية، ولم ينجب ‏منها، ثم توفي، تاركا شقة، عاشت فيها ‏زوجته. وبعد وفاة زوجته، ورثت أنا ‏الشقة، ولكن نصيب زوجته في الشقة ‏أخبروني أن الدولة ترثه؛ لأن ‏الزوجة أجنبية، وليس لها ورثة.
‏وسؤالي هو: هل يمكن إخراج نصيب ‏زوجته في شكل صدقات، وتبرعات ‏لأعمال الخير بدلا من أن يذهب إلى ‏الدولة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فنقول ابتداء إن الزوجة الأجنبية لا يخلو حالها:

1: إما أن تكون كافرة غير مسلمة، وفي هذه الحال فإنها لا ترث زوجها المسلم إذا مات؛ وذلك لحديث: لا يرث الكافرُ المسلمَ. متفق عليه.

قال ابن قدامة في المغني: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ. اهــ.

2 : وإما أن تكون مسلمة، فترث زوجها، وينتقل نصيبها إلى المسلمين من ورثتها دون الكافرين منهم، وكونها أجنبية هذا لا يلزم منه أنه ليس لها ورثة، فقد يكون لها ورثة في بلادها. وإذا لم يعثر لها على وارث، فإن مالها يذهب للمسلمين من ذوي رحمها. فإن لم يوجد منهم أحد، فإلى بيت المال – خزينة الدولة – إذا كان قائما منتظما، وإلا فإنه يصرف في مصالح المسلمين، وقد ذكرنا أقوال أهل العلم في مآل تركة من مات ولا وارث له، وذلك في الفتوى رقم: 19739 .
قال الشيخ ابن عثيمين في تركة من لم يعلم له وارث: إذا مات وليس له وارث، فإن ماله يدفع إلى بيت المال، لكن بشرط أن يكون بيت المال منتظماً، ويتصرف فيه على حسب الشرع. أما إذا كان ضائعاً، فإن الأولى أن يتصدق به ... اهــ.

وقد بين أهل العلم الضابط في كون بيت المال منتظما أم لا.

جاء في الموسوعة الفقهية: انْتِظَامُ بَيْتِ الْمَال وَفَسَادُهُ:

24 - يَكُونُ بَيْتُ الْمَال مُنْتَظِمًا إِذَا كَانَ الإْمَامُ عَدْلاً يَأْخُذُ الْمَال مِنْ حَقِّهِ، وَيَضَعُهُ فِي مُسْتَحِقِّهِ، وَيَكُونُ فَاسِدًا إِذَا كَانَ الإْمَامُ غَيْرَ عَدْلٍ، فَيَأْخُذُ الْمَال مِنْ أَصْحَابِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ يَأْخُذُهُ بِحَقٍّ، وَلَكِنْ يُنْفِقُ مِنْهُ فِي غَيْرِ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ كَمَا لَوْ أَنْفَقَهُ فِي مَصَالِحِهِ الْخَاصَّةِ، أَوْ يَخُصُّ أَقَارِبَهُ، أَوْ مَنْ يَهْوَى بِمَا لاَ يَسْتَحِقُّونَهُ، وَيَمْنَعُ أَهْل الاِسْتِحْقَاقِ، وَمِنَ الْفَسَادِ أَيْضًا أَنْ يُفَوِّضَ الإْمَامُ أَمْرَ بَيْتِ الْمَال إِلَى غَيْرِ عَدْلٍ، وَلاَ يَسْتَقْصِي عَلَيْهِ فِيمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ مِنْ أَمْوَال بَيْتِ الْمَال، فَيَظْهَرُ مِنْهُ التَّضْيِيعُ وَسُوءُ التَّصَرُّفِ، وَمِنْ أَوْجُهِ فَسَادِ بَيْتِ الْمَال أَيْضًا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ عَابِدِينَ: أَنْ يَخْلِطَ الإْمَامُ أَمْوَال بَيْتِ الْمَال الأْرْبَعَةِ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، فَلاَ تَكُونُ مُفْرَزَةً. اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني