الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدود العلاقة بين رجل له أبناء تزوج مطلقة لها بنت

السؤال

أنوي -إن شاء الله- الزواج من مطلقة، ولديها ابنة من طليقها، وأنا عندي ولدان من زوجة أخرى، فما حكم إقامة ابنة الزوجة معي بعد البلوغ؟ وما هي حدود التعامل بيني وبينها؟ وإن جاء أولادي من طليقتي للإقامة معي، فما حكم إقامتهم مع زوجتي وابنتها؟ أرجو التوضيح بشيء من التفصيل، ولكم جزيل الشكر والعرفان على ما تقدمونه في إنجاز أمور المسلمين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فللوقوف على الجواب بشيء من التفصيل ـ حسب رغبة السائل ـ فلا بد من التمييز بين ثلاثة أنواع من العلاقات الاجتماعية في هذه الأسرة الجديدة، ومعرفة ضوابطها الشرعية:

أولها: علاقة الزوجة بأبناء الزوج من مطلقته، وثانيها: علاقة ابنة الزوجة بالزوج، وأخيرًا: علاقة ابنة الزوجة بأبناء الزوج.

فإذا عقد السائل على الزوجة الجديدة عقد النكاح حرمت على أبنائه؛ لقوله تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا {النساء:22}، وصارت العلاقة بينها وبين أبنائه علاقة المحرمية بسبب المصاهرة، فعلاقتهم بها فيما يحل ويحرم من النظر، واللمس، والخلوة، والمخالطة كعلاقة المحارم فيما بينهم، وتنظر حدود العلاقة بين المحارم في الفتوى رقم: 248764 ، والفتوى رقم 21428، والفتوى رقم : 55893. وهذه هي العلاقة الأولى بضوابطها الشرعية.

فإذا دخل السائل بزوجته الجديدة حرمت ابنتها عليه إجماعًا، وهي الربيبة؛ لقوله تعالى في المحرمات من النساء: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ {النساء:23}، وصارت العلاقة بين الزوج وابنة زوجته علاقة المحرمية، بسبب المصاهرة أيضًا، فحدود العلاقة بينهما فيما يحل ويحرم كعلاقة المحارم فيما بينهم، كما تقدم، وينظر تحريم الربيبة في الفتوى رقم: 9185، وهذه هي العلاقة الثانية بضوابطها الشرعية.

وأما العلاقة الثالثة بين ابنة الزوجة وأبناء الزوج فهي كعلاقة الرجل بالمرأة الأجنبية، فإذا قاربوا سن البلوغ، وبلغت هي سن الاشتهاء أجريت عليهم أحكام الاختلاط المحرم بين الجنسين، كالإقامة في بيت واحد مرافقه مشتركة بينهما، فإن ذلك يؤدي إلى الوقوع في منكرات الاختلاط؛ كالفتنة، والكلام لغير حاجة، والنظرة المحرمة، والخلوة، وغيرها من مقدمات الفاحشة، وقد قال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}، وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء. متفق عليه، وينظر تقرير سن الاشتهاء عند الجنسين في الفتوى رقم: 242731 .

فإذا ميز السائل الكريم بين هذه العلاقات الثلاثة وضوابطها تبينت له الحدود الشرعية للتعاملات الأسرية المسؤول عنها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني