الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أسباب ورود الحديث المرسل، وحكم أحاديث ابن لهيعة

السؤال

الحديث المرسل لماذا يرسله التابعي؟ ولماذا لا يذكر اسم الصحابي أو اسم الذي حدثه؟ إذ كيف يرفع الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم وهو لا يدري صحة الحديث! والحديث الضعيف إذا رواه ابن لهيعة، فهل كل أحاديثه ضعيفة؟ أليس محتملا أن يروي شيئا صحيحا لفظا وسندا ولكن لأنه حديث عند المحدثين فيعتبر كل حديثه ضعيف؟ ولماذا لا يعتبر ما رواه الضعيف منسوخا أو انفرد بهذه السنة دون غيره؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبالنسبة للسؤال الأول: أسباب الإرسال كثيرة ومتنوعة كما ذكر أهل علم الحديث، منها: نسيان المرسِل من حدثه بالحديث، ومنها: ذكره الحديث على وجه المذاكرة أو الفتوى فيكتفى بالمتن، إذ هو المقصود في تلك الحالة، وغير ذلك من الأسباب التي عدوها في هذا الباب، جاء في النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر: فإن قيل: فما الحامل لمن كان لا يرسل إلا عن ثقة على الإرسال؟ قلنا: إن لذلك أسباباً:

منها: أن يكون سمع الحديث عن جماعة ثقات وصح عنده، فيرسله اعتمادا على صحته عن شيوخه، كما صح عن إبراهيم النخعي أنه قال: ما حدثتكم عن ابن مسعود ـ رضي الله تعالى عنه ـ فقد سمعته من غير واحد، وما حدثتكم فسميت فهو من سميت.
ومنها: أن يكون نسي من حدثه به وعرف المتن، فذكره مرسلا، لأن أصل طريقته أنه لا يحمل إلا عن ثقة.

ومنها: أن لا يقصد التحديث بأن يذكر الحديث على وجه المذاكرة أو على جهة الفتوى، فيذكر المتن، لأنه المقصود في تلك الحالة دون السند، ولا سيما إن كان السامع عارفا بمن طوى ذكره لشهرته أو غير ذلك من الأسباب، وهذا كله في حق من لا يرسل إلا عن ثقة، وأما من كان يرسل عن كل أحد فربما كان الباعث له على الإرسال ضعف من حدثه، لكن هذا يقضي القدح في فاعله لما تترتب عليه من الخيانة. اهـ.

وبالنسبة للسؤال الثاني: فالجواب أن عبد الله بن لهيعة هو قاضي مصر وعالمها ومحدثها في زمانه، وقد أثنى عليه كثيرمن أهل العلم، ومن كبار الأئمة كمالك وأحمد وغيرهما، ولم يُضَعف حديثه لقدح في عدالته، وإنما لسوء حفظه بعد احتراق كتبه، ولذلك فالأحاديث التي رواها قبل أن تحترق كتبه صحيحة كما ذكر غير واحد من أهل العلم، وقد بينا في الفتوى رقم: 30263، أن رواية العبادلة عنه صحيحة، لأنهم رووا عنه قبل احتراق كتبه.

والعبادلة المقصودون هنا هم: عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وبذا تعلم أن أحاديث ابن لهيعة ليست كلها ضعيفة كما يوهم سؤالك.

أما جواب سؤالك الأخير: فهو أن أهل الحديث وضعوا ضوابط محددة ودقيقة لرواة الحديث، وعلى أساسها صنفوا مروياتهم إلى صحيح وحسن وضعيف وموضوع.. إلخ، والحكم بضعف الحديث قد يكون من جهة متنه أو من جهة سنده، لضعف حفظ راويه أو إرساله أو تدليسه أو جهالته ونحو ذلك، أما النسخ: فلا علاقة له بكل ذلك، إذ قد يكون الحديث صحيحا، ولكنه منسوخ بحديث آخر متأخر عنه. وعليه، فسؤالك بهذه الطريقة غير وارد، لأن النسخ والضعف متغايران، ولكل منهما معنى يراد به عند أهل العلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني