الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الانكسار بين يدي الله والمجاهدة طريق الرشد والاستقامة

السؤال

يا فضيلة الشيخ, بماذا تنصحوني؟ كنت وما زلت خائفا على نفسي, من أمرين:
1ـ لما حملتني أمي في بطنها, أصيبت بمرض يشبه مس الجن, ولم يحدث لها مثل هذا في فترة حملها لسائر إخوتي, ومنذ طفولتي حتى شبابي أعاني من شذوذ أخلاقي من بين إخوتي.
2ـ لما رأى والدي هذا الشذوذ الأخلاقي, ورأى مني كثرة المخالفات, قال لي يوما: لعله كُتبت لك الشقاوة! ومنذ ذاك الوقت ـ تقريبا 10 سنين ـ لم أستقم على ما أمرني الله به, وكنت حريصا على أن أستقيم, لكنني لم أستطع! فبماذا تنصحونني؟ وجزاكم الله خيرا أسألكم الدعاء, لعل الله أن يهديني إليه, ويجعلني على صراط مستقيم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنصيحتنا لك أن تهون على نفسك، وأن لا تلتفت إلى أي هواجس أو خواطر يلقيها الشيطان على قلبك، إذ لا يلزم أن يكون ما حدث لأمك عند حملها لك في بطنها علاقة بما ذكرت من شذوذ أخلاقك، وكذلك الحال بالنسبة لقول أبيك، فإنه لم يطلع الغيب حتى يدري إن كان قد كتبت عليك الشقاوة أم لا!! فغاية ما قال لك: لعلك كتبت عليك الشقاوة، وما كان ينبغي له أن يفعل، فمن حسن أسلوب الوالد في التربية أن يستخدم من الألفاظ ما يكون دافعا للولد إلى طلب المعالي، لا ما يكون مقعدا له عنها، وعليك أن تستشعر دائما أنك مكلف، ومسؤول يوم القيامة أمام الله تعالى عن أعمالك، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، قال تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ {آل عمران:30}.

وقال سبحانه: وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ، وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ {القمر25:24}.

وما أنت فيه نوع من الابتلاء، مطالب أن تجاهد نفسك فيه وتترك ما ذكرت من الشذوذ الأخلاقي، وتقبل على ربك سائلا متضرعا، فقيرا منكسرا بين يديه، سائلا إياه أن يصلح حالك، ويوفقك إلى طريق الرشد والصواب، ومن الأدعية التي تناسب هذا المقام ما رواه النسائي في السنن الكبرى عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها: ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به؟ أو تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين.

وفي مسند أحمد عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم أحسنت خلقي فأحسن خلقي.

وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يقول: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني