الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى: سفساف الأمور، وما يدخل فيها وما لا يدخل

السؤال

أريد بيان الأحاديث التي ذكر فيها أن الله لا يحب سفساف الأمور، وما هي سفساف الأمور؟ وهل الاهتمام بالملبس والمأكل من سفاسف الأمور؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلفظ الحديث: المشار إليه كما في مستدرك الحاكم: إِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ، وَيُحِبُّ مَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا. صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وسفساف الأمور: توافهها التي تنبئ عن الخسة والدناءة وعدم المروءة، جاء في الصحاح للجوهري: السفساف: الرديء من كل شيء، والأمر الحقير.
ومعناه كما قال العلامة المناوي: وَيكرهُ سفسافها ـ أَي رديئها وحقيرها وفاسدها، فَمن اتّصف بالأخلاق الزكية أحبه الله، وَمن تحلى بالأوصاف الرَّديئَة كرهه، وَالْإِنْسَان يضارع الْملَك بقوّة الْفِكر والتمييز، ويضارع الْبَهِيمَة بالشهوة والدناءة، فَمن صرف همته إِلَى اكْتِسَاب معالي الْأَخْلَاق أحبه الله، فحقيق أَن يلْتَحق بِالْمَلَائِكَةِ لطهارة أخلاقه، وَمن صرفهَا إِلَى السفساف ورذائل الْأَخْلَاق الْتحق بالبهائم. اهـ ملخصا من التيسير، وفيض القدير للمناوي.

واهتمام الشخص بأمور حياته الأساسية كالملبس والمأكل والمشرب.. واعتناؤه بمظهره الخارجي في حدود الشرع ـ دون إفراط أو تفريط ـ ليست من سفساف الأمور، فقد أمر الله عز وجل بأخذ الزينة من الثياب، وبالأكل والشرب من غير إسراف.. فقال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {الأعراف:31}.

وعندما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، قال رجل من الصحابة: يا رسول الله، إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، قال صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس. رواه مسلم.

فلابد للمسلم أن يتكسب ويعمل ويتسبب في الحصول على مستلزمات حياته من ملبس ومأكل.. وما يجب عليه فيها من حقوق بطرق الحلال، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: طلب الحلال واجب على كل مسلم. رواه الطبراني، وتكلم أهل العلم في سنده.

وفي مسند الإمام أحمد وغيره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور. حسنه الأرناؤوط في تحقيق المسند.

ولذلك، فإن الاهتمام بالملبس والمأكل والمشرب وحسن المظهر.. في حدود الشرع ليس من سفساف الأمور ـ كما ذكرنا ـ ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك أكبر همّ المسلم، أو يصل به إلى حد الترف والتنعم، أو يكون على حساب دينه وأخلاقه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: إياك والتنعم، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين. رواه أحمد، وحسنه الألباني.

وقال صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإن الله لا يدرك ما عنده إلا بطاعته. رواه ابن مردويه وحسنه الألباني.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني