الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العزوف عن الزواج لرعاية الأم

السؤال

أود أن أتزوج، ولكنني أنا الوحيد الذي أقوم برعاية والدتي وأخاف أن تشغلني الزوجة عن أمي، وهي دائما تدعو لي بالزواج، وكثير من الناس يلحون علي بالزواج ولكنني أرفض وأقول لهم إنني سأقوم برعاية أمي، فهل علي ذنب، حيث إنني ضعيف الشخصية وكبير في العمر ومريض في نفس الوقت بالسكر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فترك الزواج جائز غير محرم؛ إلا لمن يخشى على نفسه الوقوع في الحرام، قال البهوتي الحنبلي: وَيَجِبُ النِّكَاحُ بِنَذْرٍ، وَعَلَى مَنْ يَخَافُ بِتَرْكِهِ زِنًا وَقَدَرَ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ وَلَوْ كَانَ خَوْفُهُ ذَلِكَ ظَنًّا, مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُ نَفْسِهِ وَصَرْفِهَا عَنْ الْحَرَامِ, وَطَرِيقُهُ النِّكَاحِ.

وعليه، فإن كنت لا تخشى على نفسك الوقوع في الحرام فلا إثم عليك في ترك الزواج، لكن الزواج في الأصل مندوب إليه ومرغب فيه والعزوف عنه مخالف للشرع، قال العيني رحمه الله: فإن النكاح سنة الأنبياء والمرسلين، وفيه تحصيل نصف الدين، وقد تواترت الأخبار والآثار في توعد من رغب عنه، وتحريض من رغب فيه.
ولا ريب أنّ برّ الأمّ من أفضل الأعمال الصالحة التي يحبها الله، لكنّ برّك بأمّك لا يستلزم بالضرورة امتناعك من الزواج، فلا مانع من الجمع بين الزواج وبين برّ الأمّ ورعايتها، بل ربما كان الزواج أعون لك على برها ورعايتها، لكن إذا لم تكن لك شهوة وتخشى أن تعجز عن القيام بحق المرأة، فلا يندب لك الزواج، قال ابن قدامة رحمه الله: القسم الثالث: من لا شهوة له، إما لأنه لم يخلق له شهوة كالعنين، أو كانت له شهوة فذهبت بكبر أو مرض ونحوه، ففيه وجهان، أحدهما: يستحب له النكاح، لعموم ما ذكرنا، والثاني: التخلي له أفضل، لأنه لا يحصل مصالح النكاح، ويمنع زوجته من التحصين بغيره، ويضر بها، ويحبسها على نفسه، ويعرض نفسه لواجبات وحقوق لعله لا يتمكن من القيام بها، ويشتغل عن العلم والعبادة بما لا فائدة فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني