الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يجب على الزوج من الطعام والحلوى لامرأته

السؤال

سؤالي عن صديقة معي في التحفيظ، فهل يجب على زوجها إطعامها كطعامه أم مما يشاء؟ فأحياناً يسهر خارج المنزل وإذا عاد أعطاها خبزا وجبنا فتأكله من الجوع دون أن تشتهيه، وهل يحق لها أن تطلب ما تشتهيه أو إن كانت تتبع نظاما صحيا؟ وهل من الممكن أن تطلب منه الحلوى وما شابهها أم لا يلزمه وجوباً توفيره لها؟ فهي لا تملك مالا وهو ميسور الحال وراتبه كثير وليس عندهم أبناء....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل أن يُنفق الزوج على امرأته بالمعروف مراعياً حاله، وحالتها، وقيل بحسب حاله، وقيل بحسب حالتها من اليسار والإعسار، قال ابن قدامة في المغني: مسألة: قال أبو القاسم رحمه الله تعالى: وعلى الزوج نفقة زوجته، ما لا غناء بها عنه، وكسوتها، وجملة الأمر أن المرأة إذا سلمت نفسها إلى الزوج، على الوجه الواجب عليها، فلها عليه جميع حاجتها من مأكول، ومشروب، وملبوس، ومسكن، قال أصحابنا: ونفقتها معتبرة بحال الزوجين جميعا، فإن كانا موسرين، فعليه لها نفقة الموسرين، وإن كانا معسرين، فعليه نفقة المعسرين، وإن كانا متوسطين، فلها عليه نفقة المتوسطين، وإن كان أحدهما موسرا، والآخر معسرا، فعليه نفقة المتوسطين، أيهما كان الموسر، وقال أبو حنيفة ومالك: يعتبر حال المرأة على قدر كفايتها، لقول الله تعالى: وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف {البقرة: 233} والمعروف الكفاية ولأنه سوى بين النفقة والكسوة، والكسوة على قدر حالها، فكذلك النفقة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لهند: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ـ فاعتبر كفايتها دون حال زوجها، ولأن نفقتها واجبة لدفع حاجتها، فكان الاعتبار بما تندفع به حاجتها، دون حال من وجبت عليه، كنفقة المماليك، ولأنه واجب للمرأة على زوجها بحكم الزوجية لم يقدر، فكان معتبرا بها، كمهرها وكسوتها، وقال الشافعي: الاعتبار بحال الزوج وحده، لقول الله تعالى: لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها { الطلاق: 7} ولنا، أن فيما ذكرناه جمعا بين الدليلين، وعملا بكلا النصين، ورعاية لكلا الجانبين، فيكون أولى. انتهى.

وعلى هذا، فإن كان موسراً ـ كما في السؤال ـ وهي موسرة لزمه نفقة موسرة، وإن كان موسراً، وهي معسرة، فلها نفقة متوسطة، فيأتي لها في الحالين من الطعام والحلوى بما يناسب حالها، قال في الروض المربع: يلزم الزوج نفقة زوجته قوتا وكسوة وسكناها بما يصلح لمثلها، ويعتبر الحاكم ذلك بحالهما عند التنازع فيفرض للموسرة تحت الموسر قدر كفايتها من أرفع خبز البلد وأدمه، ولحما، عادة الموسرين بمحلهما، وما يلبس مثلها من حرير وغيره، وللنوم فراش ولحاف وإزار ومخدة، وللجلوس حصير جيد وزلي، وللفقيرة تحت الفقير من أدنى خبز البلد وأدم يلائمه وما يلبس مثلها ويجلس عليه، وللمتوسطة مع المتوسط والغنية مع الفقير وعكسها ما بين ذلك عرفا. انتهى.

وراجعي الفتوى رقم: 48166.

فهذا حقها في النفقة عند التشاح، وإلا فالأصل أن يعاشرها بالمعروف، ويطعمها معه، ويكرمها، ويتبين من ذلك أنه لو أعطاها حقها من الطعام، وأكل هو ما هو أرفع منه أنه لا إثم عليه ـ مع كون هذا يتنافى مع المروءة ـ ولا يلزمه أن يُجيبها في كل ما تطلبه، بل الواجب أن يُعطيها حقها، وكذلك يعطيها من الحلوى المعروف لمثلها، قال الماوردي في الحاوي: وَنَفَقَة الزَّوْجَة إِذا مكنت من نَفسهَا وَاجِبَة على الزَّوْج بِحَسب يسَاره وإعساره، فَإِذا كَانَ مُوسِرًا فمدان من غَالب مَا يقتاته أَهله من الْحُبُوب وَمن الْأدم مَا جرت بِهِ عَادَة الموسرين من اللَّحْم والحلوى.

وهذا بناء على مذهب الشافعي من اعتبار النفقة بحال الزوج، والصحيح اعتبارها بحالهما معاً كما تقدم، وقال البابرتي الحنفي في العناية: إذا كان الزوج يأكل الحلوى والحمل المشوي والباجات، والمرأة كانت تأكل في بيتها خبز الشعير لا يؤمر الزوج بأن يطعمها ما يأكل بنفسه ولا ما كانت المرأة تأكل في بيتها ولكن يطعمها فيما بين ذلك، يطعمها خبز البر وباجة أو باجتين.

والشاهد: أنه يُفرض لها الحلوى على حسب حالها، وقد نص بعض الفقهاء أنه لا يفرض لها من الفاكهة، والحلوى إلا إذا كانت إداما، ففي منح الجليل: لا يفرض عسل ولا سمن أي إلا أن يكون إداما عادة ولا حلوى ولا حالوم ولا فاكهة لا رطبة ولا يابسة أي إلا أن يكونا إدامين عادة كقثاء وخيار.

وجاء في حاشية الجمل: ولو غلب التأدم بالفواكه في بعض الأوقات وجبت، وأما ما لا يتأدم به منها فلا يجب ما لم يعتد الإتيان به وإلا وجب، ومن ثم نقل عن شيخنا أن ما جرت به العادة من أن الفاكهة إن كانت تزيد على الأدم تجب مع الأدم.

وراجعي للفائدة الفتويين رقم: 49823، ورقم: 121599.

وانظري بعض النصائح المفيدة للزوجين في الفتوى رقم: 54913.

وننصحكم بمراجعة قسم الاستشارات من موقعنا حول التعامل مع هذا الزوج.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني