الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العلاقة بين الشاب والفتاة الأجنبية عنه في ضوء الشرع

السؤال

منذ أيام اتصل بي شاب كنت أعرفه من قبل، ولم أجبه، وبعثت له رسالة في الهاتف قلت له إني لا أكلم الرجال، وأن لا يتصل بي، لكن اتصل بدون رقم، وبدأ النقاش لماذا لا أتحدث مع الرجال وكذا. وبدأت أشرح له ولم يتصل. لكن الآن يستخدم الواتساب ، وقلت له إنني لن أجيبه، لكن يبدأ النقاش فهو في نظره أني متشددة، رغم أنني لا أفعل إلا الصحيح ، وأنا أحاول أن أقنعه وهو لا يصلي . هو لم يؤثر علي بكلامه؛ لأنه قال ما يقوله أهلي، وأنا أدافع عن نفسي. فهل أستمر في نصحه أم لا أجيبه؟ وهل يجوز أن لا أجيبه، وأبعث له فقط بطاقات دعوية. لا يوجد رجال ينصحونه لأني من "قوم" الذي يقول الدين الصحيح يقال له متشدد, أنا لست متشددة. منذ سنين كنت غارقة في المعاصي، وقلت بعض المرات هذا خطأ وحرام، وقالوا تشدد. من جهتي الفتنة آمنة - إن شاء الله - لكن الشاب يقول إني أعجبه، وطلب أن نتحدث مثل الإخوة، لكن رفضت. وكنت تعرفت عليه لأجل التعارف. والآن أنا تائبة، وقطعت كل العلاقات مع الشباب منذ شهور. أفيدوني ماذا أفعل ؟ جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد نظم الإسلام العلاقة بين الشاب والفتاة الأجنبية على ضوء قوله تعالى : {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}، وقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {النور:21}، وبيّن رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم خطورة هذه العلاقة بقوله: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء». متفق عليه.
واستنادا إلى هذه النصوص وغيرها كانت الفتوى عندنا بأن الأصل في التواصل بين الجنسين الحرمة إلا بضوابط منها الحاجة، وأمن الفتنة، والتزام الحشمة، وانتفاء المحرمات من النظرة المحرمة، والخلوة، واللمس ...
فإذا تقرر ما سبق وتأملنا في حال هذا الشاب وجدنا أنه واقع في ألوان من المخالفات الشرعية الخطرة منها :
1ـ التواصل بالفتيات بغرض التعارف والتحادث، وهذا ليس من الحاجة المبيحة.
2ـ التسبب إلى الوقوع في فتنة النساء بدليل تصريحه بإعجابه بهن دون ورع أو استحياء.
3ـ الإصرار والتصميم على التواصل المحرم معهن من كل سبيل.
4ـ الإغراء بالحرام وتلبيس الحق بالباطل ، حيث يدعو الفتاة للتحادث معه كأنها أخته ، فكيف يستوي في شرع الله معاملة الأخت المحرمة والفتاة الأجنبية.
5ـ رمي المتمسكين بالشرع بالتشدد ، وهذا من خصال المنافقين.
6ـ وهو أعظمها ترك الصلاة وهي عماد الدين.

وهذه الآفات تدل على خطورة حال هذا الشاب وأمثاله ، فالواجب على الفتاة المسلمة الحذر والابتعاد عن هذه الشريحة من الشباب وقطع العلائق بهم بكافة صورها وألوانها ، وقد أحسنت الأخت السائلة التائبة بسلوك هذا السبيل وماعليها إلا الثبات والحذر.
وأما دعوى الفتاة أنها غير مفتونة بهذا الشاب فجوابه أن مجرد عدم الفتنة لا يكفي لجواز التواصل بينهما، فأحسن أحوالها أن تكون شريكة له في الوزر بلسان حالها متعاونة بتواصلها معه على الإثم ، فإنها ولو كانت الفتنة مأمونة من جهتها فإنه واقع فيها كما تبين.
وأما بعث الوسائط الدعوية المتنوعة مكتوبة ومسموعة ومرئية لهذا الشاب وغيره فهذا لا يتوقف على التواصل معه ، بل يمكن أن يقوم به شاب مثله إن كان الغرض هو النصح والإنكار ، أما التواصل المباشر معه فلا شك أنه يفتح باب فتنة ولو اقتصر على البطاقات الدعوية؛ إذ الواجب سد كل ذرائع الفتنة ، فإن الإنكار عليه واجب كفائي واجتناب الفتنة واجب عيني.


والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني