الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حسن الظن بالله تعالى لا يتم ولا يستقيم إلا بصدق التوكل عليه

السؤال

في الحديث: "أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيرًا فله، إن ظن شرًّا فله" وأحيانًا يظن الإنسان بالله خيرًا أن يحقق له شيئًا يطلبه -وظيفة معينة، أو مبلغًا من المال، أو زوجة، أو طفلًا، أو غير ذلك- ولا يتحقق ما يريد مع حسن ظنه، وعمله بالأسباب المتاحة الممكنة، فكيف يجمع بين ذلك والحديث السابق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحديث السابق نصه هكذا: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ. رواه ابن حبان، وصححه الألباني.

وهو حديث عظيم يدعو إلى أمر عظيم هو حسن الظن بالله تعالى، ويحذر من ضد ذلك.

وحسن الظن بالله جل وعلا يقتضي أن يوقن الإنسان بأن اختيار الله وتدبيره لعبده خير من اختيار العبد، وتدبيره لنفسه، فليس كل ما يتمناه الإنسان، أو يدعو به يكون فيه الخير بالضرورة، بل قد يكون الخير فيه، وقد يكون فيه الشر، قال الله عز وجل: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.

ويقتضي كذلك تفويض الأمر إليه سبحانه، مع الأخذ بالأسباب الممكنة، ومن ذلك تفويض الأمر إليه في الزواج، والوظيفة، والأولاد، وغير ذلك، مع الثقة التامة في أن اختيار الله هو الأفضل، سواء في ذلك حصول الزواج أم الوظيفة .. أم تأخرهما، أم حتى عدم حصولهما البتة.

فإذا علمت هذا كله تبين لك كيفية الجمع بين الحديث السابق وبين ما ذكرت، وتبين لك أن حسن الظن بالله تعالى لا يتم، ولا يستقيم إلا بصدق التوكل عليه، والرضا بما قدر، وأن ما يقدره هو الخير، ولو لم يكن في ظاهره كذلك.

وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى التالية: 250339 - 131535.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني