الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا مؤاخذة على المرء فيما يدور في رأسه مما لم يتكلم أو يعمل به

السؤال

أنا أعاني من الخوف من الجن، ودائمًا تأتيني أشياء في رأسي تقول: "أتحدى الله" وفي النهاية أستغفر، وأحس أن أحدًا يتحكم فيّ، وعندما أصلي تأتيني حكة شديدة، فإذا انتهيت من الصلاة زالت الحكة، مع أني أستغفر، وأتعوذ بالله، فما الحل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه لا مؤاخذة عليك فيما يدور في رأسك، مما لم تتكلم، أو تعمل به، فقد روى مسلم، وغيره عن أبي هريرة، وابن عباس -رضي الله عنهم- واللفظ لمسلم، قال: جاء ناسٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.

قال النووي: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة فقال: تلك محض الإيمان، وقال: ذلك صريح الإيمان.
ومعناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا، وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلاً عن اعتقاده إنما هو لمن استكمل الإيمان استكمالًا محققًا، وانتفت عنه الريبة، والشكوك.
وقيل معناه: إن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه، فينكد عليه بالوسوسة؛ لعجزه عن إغوائه.

وأما الكافر: فإنه يأتيه من حيث شاء، ولا يقتصر في حقه على الوسوسة، بل يتلاعب به كيف أراد.

قال العلماء: والشيء الذي استعظمه الصحابة، وامتنعوا عن الكلام به هو ما يوسوس به الشيطان من نحو: مَن خلق الله؟ وكيف هو؟ ومن أي شيء؟ ونحو ذلك مما يتعاظم النطق به من الأشياء القبيحة التي تخطر في القلوب، وليس معناه أن الوسوسة نفسها هي صريح الإيمان؛ وذلك أنها إنما تتولد من فعل الشيطان وتسويله.

وأما الحك فإن كنت مغلوبًا عليه: فلا شيء عليك.

وإن كان بإمكانك تركه: فعليك بجهاد نفسك في التخلص منه، فاضبط يديك بوضع اليمنى على اليسرى في القيام، وبوضعهما على الركبتين حال الركوع، والجلوس، ووضعهما على الأرض حال السجود، حسبما بين في الأحاديث وكتب الفقهاء، وراجع في الفرق بين الحك الشديد والخفيف الفتويين: 41589، 160293.

وأما عن التخلص من الخوف من الجن، فننصحك بالتحلي بالشجاعة، والثقة بالله تعالى، والتوكل عليه، وإزالة أوهام الخوف عنك، والتضرع إلى الله، والتعوذ به من الجبن، إضافة إلى لزوم الطاعة، والإكثار من ذكر الله تعالى؛ لما روى أحمد، والترمذي، وصححه الألباني، من حديث الحارث الأشعري، وفيه: ... وآمركم أن تذكروا الله، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعًا حتى إذا أتى على حصن حصين، فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله عز وجل.

وأخرج البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي.

وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم، والحزن، والعجز، والكسل، والجبن، والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني