الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم عدم الإيمان بالجن لتجنب أذيتهم والوسوسة بهم

السؤال

ما حكم عدم الإيمان بالجن عمداً حتى لا يصاب الإنسان بالوسواس، وحتى لا يقول عن كل صوت غريب يسمعه بأنه صوت جن؟ أنا مسلم أؤمن بالقرآن كاملا، وأن الجن خلقهم الله، لكن بمجرد إقناع نفسي أن الجن لا وجود لهم تجنباً للخوف، حيث سمعت أن الجن لا يدخلون الجسد إلا إذا كان الإنسان يخاف منهم، وهو مجرد حماية لنفسي، ولا أريد الإيمان بهم، لأنه لا فرق يبن إيماني بهم وعدمه، وهل الإيمان بالجن واجب مثل الإيمان بالملائكة؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الإيمان بوجود الجن واجب، وهو من باب التصديق بما ثبت في نصوص الوحيين، وقد ثبت ذلك بأدلة القرآن والسنة كما ثبت بالحس والواقع، ولقد سمى الله تعالى إحدى سور القرآن سورة الجن، وأثبت فيها أنهم استمعوا القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآمنوا به، ودعوا قومهم إلى الإيمان كذلك، قال ابن حزم ـ رحمه الله ـ في المحلي: إن الجن حق، وهم خلق من خلق الله عز وجل، فيهم الكافر والمؤمن، يروننا ولا نراهم، يأكلون وينسلون ويموتون، قال الله تعالى: يا معشر الجن والإنس {الأنعام:130} وقال تعالى: والجان خلقناه من قبل من نار السموم {الحجر:27}وقال تعالى حاكيا عنهم أنهم قالوا: وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا {الجن:14}وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا {الجن:15} وقال تعالى: إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم {الأعراف:27} وقال تعالى: أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني {الكهف:50} وقال تعالى: كل من عليها فان {الرحمن:26} وقال تعالى: كل نفس ذائقة الموت {آل عمران:185}. اهـ.

وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في شرح كتاب التوحيد: بعض الناس اليوم ينكر وجود الجن، وإنكار وجود الجن كفر وخروج من الإسلام، لأنه أمر تواترت عليه كتب الله، وكذلك جاءت به آثار الرسل. انتهى.

وأما عن التخلص من الخوف من الجن، فلا ينفع فيه إنكار ما ثبت وجوده بنصوص الوحي، ولكنا ننصحك بالتحلي بالشجاعة، والثقة بالله تعالى، والتوكل عليه، وإزالة أوهام الخوف عنك، والتضرع إلى الله، والتعوذ به من الجبن، إضافة إلى لزوم الطاعة، والإكثار من ذكر الله تعالى، لما روى أحمد والترمذي، وصححه الألباني من حديث الحارث الأشعري وفيه:... وآمركم أن تذكروا الله، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعاً حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله عز وجل.

وأخرج البخاري من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي.

وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال.

واعلم أنه لا يصل الإيمان بهم لدرجة الإيمان بالملائكة الذي هو ركن من أركان الإيمان، كما في آية البر وحديث جبريل.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني