الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب الزوجة الطلاق للإساءة.. الحكم والحقوق

السؤال

منذ سنتين تمت خطبتى لشاب أخبرني أنه كان متزوجا قبلي من فتاة، وطلقها بعد ستة أشهر بسبب سوء أخلاقها، وهو شخص متدين ويرغب في فتاة صالحة ومتدينة مثله، وأثناء الخطوبة حاول الحديث معي عن المداعبة بالإصبع في الدبر، وكنت أرفض الخوض معه في ذلك، على أساس أن هذه الأمور حرام في الخطوبة وحلال في الزواج، وليس على أساس أنها من فعل الشذوذ المحرم.
وبعد ليلة الدخلة ابتعد عني زوجي وصار لا يقربني إلا إذا وضعت أصبعي في دبره، أو أن يقوم بمداعبتي في الدبر بإصبعه، أو بالضغط بعضوه على دبري دون إدخاله، أو الإنزال في دبري، وبعد ثلاثة أشهر علمت أن هذا حرام ويعتبر شذوذا، فامتنعت عن هذا وأخذت منه وعدا بالبعد عن هذه الأمور، ولكنه لم ينفذ وعده، وزاد على هذا بالدخول على الأفلام الإباحية على الإنترنت، والحديث على الإيميل مع صديق له في منتصف الليل، حيث كان يضبط المنبه مخصوصا ليستيقظ ويتحدث معه، ويقوم بالعادة السرية، هذا إلى جانب ابتعاده عني فلا يقربني إلا إذا وافقت على هذه الأفعال الشاذة، مع العلم أنني لم أر حديثه على الإنترنت مع صديقه إذا كان إباحيا أم مجرد حديث أصدقاء طبيعي، وكذلك الأفلام السيئة التي كان يشاهدها على الإنترنت كانت أفلاما بها مشاهد إباحية للنساء مع الرجال، وليس للشذوذ، وبعد مرور سنة من المحاولات الفاشلة في إقناعه بالبعد عن هذه المداعبة الشاذة والحرام، وبسبب كل تصرفاته السابق ذكرها، أصبحت أشعر أنه شاذ ويحاول أن يخفي حقيقته عني، وأصبحت لا أثق فيه نهائيا، وتركت منزل الزوجية وذهبت لمنزل أهلي، وقرأت عن علاج للشذوذ، ولكن يشترط لنجاحه أن يكون الشخص الشاذ هو الراغب في العلاج، وأن يكون مقتنعا جدا باحتياجه لعلاج، فطلبت من زوجي العلاج، ولكنه أخبرني تليفونيا أني أتوهم هذه الأمور، وأنا من يحتاج لعلاج، فطلبت الطلاق فاتصل بي عمه وأخبرني أن زوجى نادم على أفعاله، ويرغب في عودتي والذهاب للعلاج، ولكن زوجي عاود الاتصال بي، وقام بسبي بألفاظ سيئة، وأخبرني أنه غير مقتنع بالعلاج، وسيذهب فقط للطبيب حتى يجعله يؤكد لي أنني أتوهم هذه الأمور، فشعرت بعدم الرغبة في العيش معه، ولم أعد أثق فيه ولا في نواياه، وطلبت الطلاق، فاتصل زوجي بوالدي وأخبره أنني من أريد الطلاق وعلي أن أتنازل عن مؤخر صداقي حتى يطلقني، فهل من حقي شرعا أخذ مؤخر صداقي بعد الطلاق؟ لأنني مضارة من هذا الزواج أم على التنازل عنه لأنني الراغبة في الطلاق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في قبح تلك الأفعال المذكورة التي يرغب فيها الزوج عند المعاشرة، لكنها لا تكفي دليلاً قاطعاً على شذوذه الجنسي، وأما مشاهدته الأفلام الإباحية فحرام بلا ريب، لكن تركك منزل الزوجية لم يكن صواباً، وإنما الصواب في حال إساءة الزوج أو الشقاق بين الزوجين بعث حكمين من أهل الزوجين ليصلحوا بينهما أو يطلقا عند تعذر الإصلاح، وإذا طلقا فللزوجة سائر حقوق المطلقة، أما إذا طلبت الزوجة الطلاق من غير بعث الحكمين فلا يلزم الزوج إجابتها، وله أن يشترط عليها إسقاط بعض حقها كمؤخر الصداق، ويرى المالكية أنّ للزوجة التطليق على الزوج إن كان عليها ضرر من جهته كسبه لها وشتمها وهجرها بلا مسوّغ، قال الدردير المالكي: "ولها - أي للزوجة - التطليق على الزوج بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك، وسبها وسب أبيها..." (الشرح الكبير للدردير 2 / 345).

فالذي ننصح به أن يتوسط بعض العقلاء من الأهل للإصلاح بينكما أو التطليق في حال تعذر الإصلاح، فإن حصل نزاع في مسألة التطليق فينبغي رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية للفصل فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني