الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط الإكراه المانع من وقوع الطلاق، وحكم الطلاق في النكاح المختلف فيه

السؤال

أنا رجل أبلغ من العمر 55 سنة ومتزوج وعندي أولاد, تزوجت منذ عامين من امرأة مطلقة لم تتزوج طيلة 12 سنة لتربي أولادها, بعقد عرفي مع وجود شاهدين ـ أحدهما ليس بعدل ـ دون علم أوليائها وهم كثيرون, وعاشرتها معاشرة الأزواج لمدة ثمانية أشهر, وبعد أيام من الزواج وقعت ورقة الزواج في يد الزوجة الأولى فأصابتها صدمة شديدة ومرضت مرضاً شديداً حيث صادف ذلك وفاة أمي، وهي عمتها, ووفاة والدها وخوفاً على حياتها اتفقت مع الزوجة الثانية أن نخبر الأولى بطلاقنا على أن أراجعها في اليوم التالي, حتى عندما أقسم بالله أمام الزوجة الأولى أنني قد طلقت الثانية فلا يكون يمين غموس، وتلفظت بلفظ الطلاق على الهاتف, ثم راجعتها في الصباح، وقد كنا دائما في شك من مدى صحة هذا الزواج حيث أخبرنا أكثر من شخص من غير أهل الفتوى أنه ليس بزواج، بل من الزنا المحرم, وعندما تأكدنا أن هذا الزواج غير جائز شرعاً عزمنا على التوبة، بل وارتدت زوجتي النقاب وقمنا بعقد زواج شرعي أمام المأذون وفي حضور أوليائها جميعاً, وكان مهرها القيام بالعمرة, وفي السفر ظهرت غيرتها الشديدة لأسباب واهية كما أنها كانت قد تناولت دواء لرفع الدورة الشهرية فأثر على نفسيتها مما جعلها تطلب الطلاق وتلح في ذلك حتى وصل إلى حد التهديد بالخروج من السكن في مكة وهي بملابس النوم ولا أراها مرة أخرى، وهي أول مرة تسافر خارج مصر في حياتها, وأنا أعلم أنها تعي ما تقول، فهي عنيدة جداً لا يمنعها شيء ولا شخص من فعل ما تريد, وكنت في حالة تعب شديد ورغبة شديدة في النوم بسبب متاعب السفر بالبر والمناسك وخلافه, فقلت لها لفظ الطلاق: ولم نوثق هذا الطلاق لدى المأذون, وبدأت بعدها تتمسح بي كالقطة حتى راجعتها بعد سويعات ونحن في مكة المكرمة، وبعد عدة شهور عادت لغيرتها الشديدة لأتفه الأسباب حتى وقع الطلاق مرة أخرى، وهي التطليقة الوحيدة الموثقة لدى المأذون, مع العلم أنها عندما تزوجنا وارتدت النقاب تركت عملها ولها أولاد بالتعليم واتفقنا أن أنفق عليهم, ونحن الآن في حيرة من أمرنا، فهل الطلاق في ذلك الزواج الفاسد لا يقع وبذلك هم تطيلقتان فقط ويمكنني أن أراجعها بعقد ومهر جديدين بناء على الفتوى رقم: 46588؟ وهل التطليقة الثانية تعتبر تحت إكراه فعلي فلا تقع، فهي إذن تطليقة واحدة, أم إنها قد حرمت علي فلا تحل لي حتى تنكح زوجاً آخر زواجا مستمرا لا زواج تحليل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالراجح عندنا وقوع الطلاق في الزواج الفاسد المختلف في صحته، كالزواج بلا ولي، قال المرداوي الحنبلي رحمه الله: ويقع الطلاق في النكاح المختلف فيه كالنكاح بلا ولي عند أصحابنا.

ثم اعلم أنّ الإكراه المعتبر الذي يمنع نفوذ الطلاق، له شروط لا يتحقق بدونها، قال المرداوي الحنبلي رحمه الله: يُشْتَرَطُ لِلْإِكْرَاهِ شُرُوطٌ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ قَادِرًا بِسُلْطَانٍ أَوْ تَغَلُّبٍ، كَاللِّصِّ وَنَحْوِهِ.

الثَّانِي: أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ نُزُولُ الْوَعِيدِ بِهِ، إنْ لَمْ يُجِبْهُ إلَى مَا طَلَبَهُ، مَعَ عَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ وَهَرَبِهِ وَاخْتِفَائِهِ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَا يَسْتَضِرُّ بِهِ ضَرَرًا كَثِيرًا، كَالْقَتْلِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَالْحَبْسِ وَالْقَيْدِ الطَّوِيلَيْنِ، وَأَخْذِ الْمَالِ الْكَثِيرِ.

وعليه، فقد وقع طلاقك في نكاحك الأول لتلك المرأة، ووقعت الطلقة الثانية، لأنّ الحال المذكورة في السؤال لا تعد من حالات الإكراه المعتبر، ثم طلقت الثالثة، فتكون المرأة قد بانت منك بينونة كبرى، فلا تحل لك إلا إذا تزوجت زوجاً غيرك ـ زواج رغبة لا زواج تحليل ـ ويدخل بها الزوج الجديد ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني