الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج من يتسلل إلى نفسه الشك في الإسلام

السؤال

يا شيخ: في هذه الفترة أقع في كثير من المعاصي وأريد الخلاص منها دون جدوى! أتمنى أن تساعدوني، لأنني بدأت أشك في الإسلام وأحس أنني أحتاج إثباتات تثبت أن ديني هو الصحيح!.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم تذكري سؤالا محددا، ولا ريب أن الإسلام هو الدين الحق، ودلائل ذلك كثيرة، بيناها في بعض الفتاوى نحيلك منها على الفتاوى التالية أرقامها: 54711، 48913، 20984، 8187، 19694.

ومن شك في كون الإسلام هو الدين الحق كفر وخرج من ملة الإسلام، ونحسب أن لك عقلا راجحا يمنعك من أن تذهبي في هذا السبيل الذي فيه خسران الدنيا والآخرة، قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ {الحجرات:15}.

وقال سبحانه: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة:217}.

وننصح بوجوب الحذر من الإصغاء إلى شبهات الأعداء، أو الاطلاع على المواقع التي تبث سمومها تشكيكا في أحكام الإسلام، وخاصة فيما يتعلق بالمرأة، فلا يجوز الاطلاع على شيء من ذلك إلا ممن له علم راسخ وإيمان شامخ بحيث يتقي الوقوع في مهاوي الردى، قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ، وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ {الأنعام113:112}.

والأصل الثابت الذي ينبغي أن تنطلقي منه هو الإيمان الثابت والاعتقاد الجازم بأن الله عليم حكيم، عدل رحيم، لا يشرع إلا عن حكمة، ولا يظلم أحدا، وعلى هذا الأساس يكون النظر إلى أحكامه، فما ظهرت لك حكمته فذاك، وما لم تظهر لك حكمته تكلين علمه إلى الله تعالى، وشياطين الجن والإنس لا يملون في إلقاء الشبهات على الناس حتى يصل الأمر بأحدهم إلى أن يلقي في روع العبد هذا السؤال، من خلق الله، فانظري ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في جواب مثل هذا السؤال، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟! فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله.

وهذا هو الجواب الحاسم، وإلا فلو استرسل المرء مع هذه الشبهات، وحاول أن يجد لكل شيء تعليلا تاه في بيداء الردى، فليس كل حكم تعلم له علة، بل قد تكون العلة مجرد الابتلاء والامتحان، هل يذعن الناس وينقادوا أم لا؟ قال الله سبحانه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب:36}.

ونصيحتنا لك في الختام أن تحرصي على العلم النافع من الكتاب والسنة، وتجتهدي في العمل الصالح، وتحرصي على صحبة الخيرات، وتجتنبي رفقة أهل الشر والفساد، إن كنت ترجين لنفسك السلامة والنجاة يوم القيامة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني