الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من تاب من ترك الصلاة ومن سرقة مال لا يقدر على أدائه

السؤال

سرقت من والدي مالا ولا أقدر على تحصيله، ولا أقدر أن أخبر والدي، حيث سيحصل ما لا تحمد عقباه، وكنت لا أصلي نهائيا، والآن تائب ونادم على ما فعلت، ومحافظ على الصلوات، فهل لي من توبة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فباب التوبة مفتوح وربنا سبحانه يفرح بتوبته عبده إذا أناب إليه مهما كان منه، قال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

وفي الحديث: لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم وقد أضل راحلته بأرض فلاة.

وقال الله تعالى في الحديث القدسي: يا ابن آدم؛ إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.

قال الإمام ابن رجب الحنبلي: وقوله: إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ـ يعني: على كثرة ذنوبك وخطاياك، ولا يتعاظمني ذلك ولا أستكثره.

ومما يكفر الذنوب الإكثار من الأعمال الصالحة، كما قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114} .

واقض ما فرطت فيه من الصلوات احتياطا، وما أخذته من مال أبيك دون إذنه يلزمك رده ولو بطرق غير مباشرة ولا يلزمك إعلامه بذلك، ولو كنت تجهل مقداره فاحتط في ذلك بما يغلب على ظنك براءة ذمتك به، ولو كنت لا تملكه الآن فرد منه ما تقدر عليه واعزم على رد الباقي متى ما قدرت، وأكثر من هذا الدعاء الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود، فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة؛ ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت صلاة؟! قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت، فأذهب الله تعالى همي وقضى عني ديني.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني