الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الكذب للسترعلى النفس أو الغير

السؤال

أردت السؤال عن حكم وعواقب من يحلف على المصحف باطلا على أمر حدث من قبل، سواء كان طاهرا أو غير طاهر، وتساؤلي مأخوذ من القصة التالية:
فتاة متأدبة وعلى دين وخلق، لكنها أخطأت فترة من حياتها وتابت، ذلك أنها مارست الفاحشة ومرت بعلاقات محرمة، مع العلم أنها لا تزال عذراء، رغم أنها قبل هذه الفترة كانت طاهرة بكل معنى الكلمة، ولكن بعد توبتها بفترة وجيزة تقدمت لها عائلة لخطبتها لابنهم، وتم الزواج برضا الطرفين وقبول العائلتين دون أي مشاكل، وفي فترة الخطبة صارحت خطيبها بما مرت به، ويوم زواجها أحلفها على المصحف -أن كل ما أخبرته به صحيح لا توجد فيه نواقص ولا أمور أكثر مما حكي-، لأنه يرى أن لو كان هناك أكثر مما حكي ستكون فتاة سيئة ولا يعول عليها كزوجة ومشكوك بها وفاجرة.. إلى كل ما يقال، ولكن لو نزعنا تلك الفترة السيئة من حياتها فإنها تعتبر من أطهر بناتنا المسلمات، لكن بحكم أن الرجل لا ينسى ماضي زوجته، وبحكم أنه لن يتقبل أن ما فعلته فترة فقط وليست طبيعتها هذه الأمور السيئة جدا، اضطرت أن تحلف باطلا، ذلك أنها لم تكن طاهرة (دون وضوء أصغر فقط)، والحلف تم على أساس أن ما مرت به مجرد علاقات قليلة ومجرد هفوة تحدث مرة فقط وتمر، لكن الحقيقة غير ذلك، لأنها مرت بأكثر من علاقة عابرة، وأكثر من علاقة جسدية، وعدة مرات، فبنية خوفها على خراب بيتها من العار ونظرة زوجها ومعاملته لها لو علم بالحقيقة الكاملة قد حلفت باطلا، فقد ارتأت أنه الرجل المناسب ومقتنعة به تماما أن تكمل نصف دينها معه وحياتها معه، وخصوصا أنه تقبلها ليسترها رغم معرفته بها.
وجزاكم الله على مبادرتكم بهذا الموقع وأشكركم لمساهمتكم بتقبل تساؤلاتنا، وأرجو منكم الرد بأسرع وقت لنعرف ما يتم في أمر هذه الفتاة، هل تصارح زوجها وتقضي ما عليها من حلف ويحدث ما يحدث في زواجها؟ أم ما ردكم في هذا الأمر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أخطأت تلك المرأة بإخبار خاطبها بما وقعت فيه من المعاصي، فالواجب على من وقع في معصية أن يتوب إلى الله، ويستر على نفسه فلا يخبر بها أحداً، وقد أخطأ زوجها بسؤالها عن وقوعها في الفواحش وطلبه منها الحلف على ذلك، ولا حرج عليها في الكذب عليه لتستر على نفسها، فقد جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب عند ذكر الأمور التي يرخص فيها في الكذب: "فَهَذَا مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَكَذِبِهِ لِسَتْرِ مَالِ غَيْرِهِ عَنْ ظَالِمٍ، وَإِنْكَارِهِ الْمَعْصِيَةَ لِلسَّتْرِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يُجَاهِرْ الْغَيْرُ بِهَا، بَلْ يَلْزَمُهُ السَّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ؛ وَإِلَّا كَانَ مُجَاهِرًا".

واعلمي أنّ الحلف على كتاب الله لا يختلف حكمه بكون الحالف على طهارة أو على غير طهارة، لكن كان ينبغي عليها أن تستعمل التورية دون الكذب الصريح، وراجعي الفتوى رقم: 47655 ، والفتوى رقم: 43279 ، وعلى كل حال فعلى المرأة أن لا تخبر زوجها بمعصيتها، وإنما تستر على نفسها، وانظري الفتوى رقم: 248788 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني