الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم كتابة الكتب غير القرآن والسنة

السؤال

ما حكم كتابة الكتب غير القرآن والسنة؟ وهل صحيح أنه قد منعها الصحابة؟ وهل هناك أدلة تدل على تحريمها؟ وما التفصيل في هذه المسألة بارك الله فيكم؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن التأليف فيما يفيد مشروع وقد كثر تأليف العلماء للمؤلفات المفيدة وذكر بعضهم أن التأليف قد يكون مستحبا وقد يجب وجوبا كفائيا، كما قال السيوطي في الأشباه والنظائر في الكلام على فروض الكفاية: منها: تصنيف الكتب، أشار إليه البغوي في أول التهذيب، وقال الزركشي في قواعده: من فرض الكفاية: تصنيف الكتب لمن منحه الله فهما واطلاعا ولن تزال هذه الأمة ـ مع قصر أعمارها ـ في ازدياد, وترق في المواهب والنوادر، والعلم: لا يحل كتمه، فلو ترك التصنيف لضيع العلم على الناس. اهـ.

وقال الهيتمي في التحفة: كتابة العلم مستحبة، وقيل واجبة، وهو وجيه في الأزمنة المتأخرة، وإلا لضاع العلم، وإذا وجبت كتابة الوثائق لحفظ الحقوق فالعلم أولى. اهـ.

وقال السفاريني في شرح منظومة الآداب: من المحدثات ما هو حسن، بل وواجب كتصنيف كتب العلم. اهـ.

وقال محمد مولود في مقدمة الكفاف:

هذا ولما نص أعيان الكتب أن مفيدات التصانيف تجب

صرفت همتي لصوغ نظمي يفيد الأمي وغير الأمي.

ولم نطلع على نص للصحابة يمنع التأليف، ومن المعلوم أن الدواعي لكثير من التآليف لم يحتج لها في عصرهم، ولكنه ورد في أثر رواه الحاكم عن عمرو بن قيس السكوني، قال: خرجت مع أبي في الوفد إلى معاوية فسمعت رجلا يحدث الناس، يقول: إن من أشراط الساعة أن ترفع الأشرار وتوضع الأخيار، وأن يخزن الفعل والعمل، ويظهر القول، وأن يقرأ بالمثناة في القوم ليس فيهم من يغيرها أو ينكرها، فقيل: وما المثناة؟ قال: ما اكتتبت سوى كتاب الله عز وجل، قال: فحدثت بهذا الحديث قوما وفيهم إسماعيل بن عبيد الله، فقال: أنا معك في ذلك المجلس تدري من الرجل؟ قلت: لا، قال: عبد الله بن عمرو.

وهذا الأثر صححه الحاكم ووافقه الذهبي، ولكنه محمول على ما يعارض نصوص الوحيين، وأما ما كان خادما لهما أو مشتملا على ما يفيد الأمة، فلا يدخل في ذلك، قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: هذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، فقد تحقق كل ما فيه من الأنباء، وبخاصة منها ما يتعلق بـالمثناة وهي كل ما كتب سوى كتاب الله كما فسره الراوي، وما يتعلق به من الأحاديث النبوية والآثار السلفية، فكأن المقصود بـالمثناة الكتب المذهبية المفروضة على المقلدين، التي صرفتهم مع تطاول الزمن عن كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما هو مشاهد اليوم مع الأسف من جماهير المتمذهبين، وفيهم كثير من الدكاترة والمتخرجين من كليات الشريعة، فإنهم جميعا يتدينون بالتمذهب، ويوجبونه على الناس حتى العلماء منهم.... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني