الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من ترك ثلاث جمع غير متتاليات

السؤال

هل من ترك ثلاث جمع تهاونا يطبع الله على قلبه؟ وهل المقصود ثلاث جمع متتالية؟ أم حتى لو كان بين كل جمعة وجمعة سنوات طويلة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فروى أحمد وأصحاب السنن عن أبي الجعد الضمري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه. صححه الألباني.
والحديث ـ كما ترى ـ لفظه مطلق، فيحتمل أن يراد به مطلق الترك سواء كان متواليا أم لا، ويحتمل أن يكون المراد به الترك المتوالي خاصة، ويؤيد هذا الاحتمال ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفا أنه قال: «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ ‌جُمَعٍ ‌مُتَوَالِيَاتٍ فَقَدْ نَبَذَ الْإِسْلَامَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ» رواه أبو يعلى في مسنده، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. انتهى.

وما رواه أبو داود الطيالسي عَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ ‌جُمَعٍ ‌مُتَوَالِيَاتٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلْبِهِ»

قال الشوكاني: قوله: ثلاث جمع ـ يحتمل أن يراد حصول الترك مطلقا سواء توالت الجمعات أو تفرقت, حتى لو ترك في كل سنة جمعة لطبع الله تعالى على قلبه بعد الثالثة، وهو ظاهر الحديث, ويحتمل أن يراد ثلاث جمع متوالية، كما تقدم في حديث أنس, لأن موالاة الذنب ومتابعته مشعرة بقلة المبالاة.

والاحتمال الأخير هو ما قرره المباركفوري ـ رحمه الله ـ فقال في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: الاحتمال الثاني هو المتعين، لما تقرر في الأصول من حمل الروايات المطلقة على المقيدة، ويؤيد حديث أنس ما رواه أبو يعلى برجال الصحيح عن ابن عباس: من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات، فقد نبذ الإسلام وراء ظهره ـ قال الشوكاني: هكذا ذكره موقوفاً، وله حكم الرفع، لأن مثله لا يقال من قبل الرأي، كما قال العراقي. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني