الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح لشاب مبتلى بالمثلية الجنسية

السؤال

أنا شاب مسلم مثلي الجنس ولا اْشعر برغبة في الحياة ولا طعمها، ونظرة المجتمع ورجال الدين الإسلامي تقتلني، ومجتمعي لا يساعدني على التغير ولا يفرق بين من اختار الميول لنفس الجنس وبين من وقع عليه تحرش جنسي في صغره ـ مثل ما حدث معي تماما ـ وهذا لا يبرر فعل اللواط الذي يوجب غضب الله واللعن، أتحدث عن الميول, فالكل يزني ويترك الصلاة ويعيش على الطريقة الغربية، وعندما ياْتي الموضوع إلى المثليين الذين لا يمارسون ميولهم ويرفضونها ويتمسكون بوجهة نظر الدين يصبح كل شيخ لا يفهم إلا خلط الآيات بالشتائم والإهانة كأن شتمنا واجب ومن لم يفعله فهو مرتد خالد في النار... ولا تقبل توبته! واْنتم في موقكم في فتوى قديمة جدا قلتم: هؤلاء المحسوبين على الإسلام..... وقد قلتم في الفتوى رقم: 256582، بل أمثالهم يجب الحذر منهم اْكثر ـ وكاْنني وحش شرير, والشيخ ابن عثيمين نقل كلام ابن تميمة في التحريق في حد اللواط دون أن ينظر إلى أسانيد الرواية؟!!... وقال: من تاْمل في كلمة الفاحشة وفاحشة لوجد فرقا، ولكن كلمة: الفاحشة مذكورة بمعنى الزنا في اْكثر من آية: كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَـ واللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ؟ ,لا يوجد علاج لهذه الميول، فكيف وهي لا تعتبر مرضا بشهادة أطباء علم النفس، ولا يكفي الدعاء على ما اْظن دون علاج ناجح, فهل يكفي الدعاء لعلاج السرطان مثلا دون الاْخذ بالاْسباب الاْساسية والمعترف بها للعلاج؟ وهل تدخل مقدمات اللواط من النظر بشهوة من صغائر الذنوب دون إصرار، فاللواط على ثلاث مراتب تحت هذا الوعيد: وما هي من الظالمين ببعيد ـ و حديث: سيكون في أمتى مسخ وقذف؟ وهل إذا حدث هلاك بسبب الزنا والمعازف والخمور.. كلنا سنموت كفارا اْم كل شخص يبعث على نيته؟ والجمع بين حديث: أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة عذابها في الدنيا الزلازل والفتن والقتل؟ اْفكر في قتل من تسبب في تدمير طفولتي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يشرح صدرك، وأن يحصن فرجك، وأن يوفقك لما يحب ويرضى، ثم اعلم أنه لا إثم على العبد فيما تعرض له من اغتصاب، ونحوه، بل هذا بلاء، وعلى العبد أن يصبر، ويحاول التخلص من هذه الميول، ويتضرع إلى ربه، وقد قال الله تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب {الزمر: 10}.

وانظر الفتوى رقم: 79149.

وليكن اهتمامك منصرفاً إلى التخلص من هذه الميول غير الفطرية، وذلك ممكن مع الصبر، والاستعانة بالله، والتداوي والأخذ بأسباب العلاج، وقد سبق الكلام عن علاج الشذوذ في الفتاوى التالية أرقامها: 57110، 7413، 59332، 101801.

ولا عليك مما يقال حول هذا المرض، فالواعظ، والداعية يريد تحذير الناس من هذه الآفة، وأما محاسبة الناس، فالله هو الذي يُحاسب، وهو أحكم الحاكمين، ومن حيل الشيطان أن يسول لك هذا الأمر، ويجعل معركتك مع الدعاة الذين يُحذرون الناس من ذلك، وقد يبالغون، لكن لو جعلت همتك مع علاج المرض، وأخلصت التضرع لوجدت ما يسرك، ومثل ذلك مسألة هلاك قوم لوط، فقد أهلكوا بالكفر، والذنوب، وأعلى ذنوبهم اللواط، وقد يُجيب الله الدعاء دون الأخذ بالأسباب ولكن الأخذ بها متمم للتوكل، وانظر الفتوى رقم: 111911.

وقد بينا مراتب اللواط في الفتوى رقم: 161035.

ثم إنه ليس للعبد أن يتساهل في المعصية، ولو كانت صغيرة، فالأمر خطير، وانظر الفتوى رقم: 128824.

وأما الحديث: فقد جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: أمة الإجابة الموجودة ذهنا المعهودة معنى، كأنها المذكورة حسا: أمة مرحومة ـ أي: رحمة زائدة على سائر الأمم، لكون نبيهم رحمة للعالمين، بل مسمى بنبي الرحمة وهم خير أمة: ليس عليها عذاب ـ أي: شديد في الآخرة، بل غالب عذابهم أنهم مجزيون بأعمالهم في الدنيا بالمحن والأمراض، وأنواع البلايا، كما حقق في قوله تعالى: من يعمل سوءا يجز به {النساء: 123} على ما تقدم، والله تعالى أعلم، ويؤيد قوله: عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل ـ أي: بغير حق، وقيل: الحديث خاص بجماعة لم تأت كبيرة ويمكن أن تكون الإشارة إلى جماعة خاصة من الأمة، وهم المشاهدون من الصحابة، أو المشيئة مقدرة، لقوله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء { النساء: 48}وقال المظهري: هذا حديث مشكل، لأن مفهومه أن لا يعذب أحد من أمته صلى الله تعالى عليه وسلم سواء فيه من ارتكب الكبائر وغيره، فقد وردت الأحاديث بتعذيب مرتكب الكبيرة، اللهم إلا أن يؤول المراد بالأمة هنا من اقتدى به صلى الله تعالى عليه وسلم كما ينبغي، ويمتثل بما أمر الله وينتهي عما نهاه. انتهى.

وانظر للفائدة الفتويين رقم: 118197، ورقم: 197563.

وننصحك بمراسلة قسم الاستشارات من موقعنا، وراجع الاستشارة رقم: 2156647.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني