الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الحلف كذبا لقطاع الطريق أنه لا مال معه

السؤال

أخبرني صديق أن قريبا له يعمل سائق شاحنة ويحمل معه نقودا كثيرة لدفع البضائع، ويخبئها في عدة أماكن من السيارة بحيث لو استوقفه بعض قطاع الطرق لا يجدون كل المال، ولكن البعض منهم يحمل معه مصحفا، وبعد الانتهاء من التفتيش يجبر السائق على الحلف على عدم بقاء أي نقود معه، فما الحكم إذا حلف وقد بقيت معه بعض النقود لم يجدها قطاع الطريق؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس من شك في أن الحلف على الكذب ذنب عظيم وإثم كبير، ولا سيما إذا كان مغلظاً بإحضار المصحف والحلف عليه، ومن حلف بالله كاذباً متعمداً فقد ذهب الجمهور إلى أنه لا كفارة عليه، إذ أنه أتى بذنب أعظم من أن تمحو أثره كفارة يمين، وإنما الواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى مما ارتكبه وتجرأ عليه، وأما بالنسبة للحلف على الكذب لأجل دفع ضرر قطاع الطريق عن النقود، فقد رُخص فيه فيما إذا كان دفع الضرر لا يتحقق بدون الكذب، قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في رياض الصالحين: فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحاً كان الكذب مباحاً، وإن كان واجباً كان الكذب واجباً، فإذا اختفى مسلم من ظالم يريد قتله أو أخذ ماله وأخفى ماله وسئل إنسان عنه وجب الكذب بإخفائه، وكذا لو كان عنده وديعة وأراد ظالم أخذها وجب الكذب بإخفائها، والأحوط في هذا كله أن يوري، ومعنى التورية أن يقصد بعبارته مقصوداً صحيحاً ليس هو كاذباً بالنسبة إليه، وإن كان كاذباً في ظاهر اللفظ، وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب ولو ترك التورية وأطلق عبارة الكذب فليس بحرام في هذا الحال. انتهى.

وقال ابن حجر الهيتمي ـ رحمه الله ـ في الزواجر عن اقتراف الكبائر: اعلم أن الكذب قد يباح وقد يجب، والضابط ـ كما في الإحياء ـ أن كل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعاً، فالكذب فيه حرام، وإن أمكن التوصل بالكذب وحده فمباح إن أبيح تحصيل ذلك المقصود، وواجب إن وجب تحصيل ذلك. انتهى.

وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 39152، 110625، 111035، 115358.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني