الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضوابط في طاعة الوالدين وأيهما يقدم عند التعارض

السؤال

أمي تريدني أن أبقى معها وأنا أريد السفر إلى مكة للعمرة، ووالدي بمكة يردني أن أكون معه، وأمي تقول لي لا أمنعك من طاعة الله، ولكنها في قرارة نفسها تريدني أن أبقى، معها، وهي ـ والحمد لله ـ ترتاح لوجودي معها، ولدي خمسة إخوة ولله الحمد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل عند تعارض حق الوالدين بحيث صار يلزم من طاعة الولد لأحدهما معصية الآخر: التوفيق والجمع بين برهما ورضاهما جميعا ما تيسر سبيل إلى ذلك، وذلك لإطلاق أدلة وجوب برهما من الكتاب والسنة والإجماع، ولعموم حديث سلمان ـ رضي الله عنه ـ في البخاري: وأعط كل ذي حق حقه.

أما إذا تعذر الجمع والتوفيق بينهما، فالجمهور على تقديم حق الأم على حق الأب، وهو الراجح، بل قد نقل الحارث المحاسبي الإجماع عليه، وينظر وجه الترجيح وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 27653.

وبناء عليه، فإن استطعت أن توفق بين رغبة الوالدين بالمكث عند الوالدة وسط الأسبوع مثلا وعند الوالد في نهايته مع استرضاء الطرفين، أو غير ذلك من الحلول المناسبة المرضية للطرفين ولو بالتنسيق مع إخوتك تعين ذلك عليك، وأما إن شق عليك التوفيق بينهما أو قوبلت الفكرة بالرفض من أحدهما، فالواجب عليك أن تقيم مع أمك وترعاها دون أن تقطع أباك أو أن تهجره، بل تجب عليك صلته وتحرم عليك قطيعته وذلك بالاتصال به وتفقد أحواله وزيارته.

وأما السفر لأداء مناسك العمرة: فإن لم يكن لأمك اعتراض عليه لخصوص العمرة، وإنما تخشى من بقائك بجوار أبيك وعدم رجوعك لتقيم معها ـ كما هو ظاهر السؤال ـ فما عليك إلا أن تطمئنها بعودتك لتقيم معها بعد أداء مناسك العمرة وزيارة الوالد، أما إن كان اعتراضها على العمرة لحاجتها إليك، فطاعتها في البقاء معها مقدم على أداء العمرة، إلا أن تكون العمرة واجبة، فأداء الواجب مقدم على طاعة الوالدين، وينظر تقرير أهل العلم في تقديم طاعة الوالدين على التطوع الفتوى رقم: 221050 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني