الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم وضع المال في البنك للاستفادة من عائده

السؤال

أنا مهندس حديث التخرج، ولدت وتربيت في أسرة فقيرة، ولي أخ في التعليم الجامعي، وأخت في التعليم الثانوي، ويعلم الله كيف وصلت إلى هذه المرحلة من التعليم أنا وإخوتي، حيث إن معاش والدي العاجز القعيد لا يكفي نفقات الطعام والشراب، فكيف بنفقات التعليم؟ واضطرت والدتي ـ جزاها الله كل خير ـ للعمل كخادمة في المنازل حتى تصل بنا إلى هذه المرحلة من التعليم، وأنا الآن أعمل، وأحتاج الادخار لكي أستطيع تجهيز نفسي للزواج، ولكنني من ناحية أخرى أريد أن أرد لأهلي الجميل، وأريحهم من عناء نفقاتهم اليومية، ونفقات إخوتي في التعليم.
فهل يمكنني وضع مبلغ معين في البنك شهريا ينفقون من عائده حتى أستطيع التفرغ لنفسي وزواجي؟ أم هذا غير جائز؟ ولا يبرره الفقر والحاجة؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يعينك، وييسر أمورك، ويجزيك خيرا على عدم نسيانك لجميل أهلك عموما، وأمك على وجه الخصوص. ثم إنك لم توضح أي البنوك تقصد هل البنوك الإسلامية أم الربوية، فإن كنت تقصد الأولى، فذلك جائز، كما سبقت الإشارة في الفتوى رقم: 8114.

أما البنوك الربوية: فإن الإيداع فيها بهدف الاستثمار لا يجوز، لأن استثمار البنك الربوي ربا محض لا يخرج عن ذلك، فكل استثماره هو بالإقراض بالفائدة، وكذلك لا يجوز الإيداع فيه لحفظ المال، لأنه سيستعين به على ما يمارسه من عمل محرم، فيكون واضعه معينا له على ذلك، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.

وقد استثنى العلماء من ذلك حالة الضرورة القصوى لحفظ المال أو تحويله إذا لم توجد جهة إسلامية تقوم بذلك، وانظر الفتويين رقم: 518، ورقم: 1120.

وانظر كذلك الفتوى رقم: 1420، لمعرفة حد الضرورة المشار إليها.

وعليه، فإن وجدت بنكا إسلاميا تضع فيه ما تريد فلك ذلك، واحرص على أن تعمل معهم عقد مضاربة، تقوم بموجبه بدفع مبلغ من المال إلى البنك، على أن يقوم البنك باستثمار ذلك المال، في مقابل حصولك على نسبة ـ من الربح ـ إن حصل، تتفقان عليها سلفاً، وإن لم تجد إلا بنكا ربويا فاحذر من وضع المال فيه، وتذكر أن المتعامل بالربا ملعون ومتوعد بالحرب من الله ورسوله، قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {البقرة: 278ـ 279}.

وقال عليه الصلاة والسلام: لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه. رواه أحمد وغيره، وصححه الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني