الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل لعن الكفار غير المحاربين يتعارض مع معاملتهم بالحسنى

السؤال

كيف تردون على صاحب الشبهة في الرابط التالي:
http://chez-malek-baroudi.blogspot.com/2013/04/blog-post_28.html?m=1
ألا تظنون أن لعن الكفار غير المعتدين، وسبهم، والدعاء عليهم سينفهرهم من الإسلام، فيقولون إن المسلمين يدَّعون التسامح، ويتلطفون معنا في وجوهنا، ويسبونا، ويلعنوننا من وراء ظهورنا، وأيضا ماذا نستفيد من لعن الكفار؟
لقد ألقى الشيطان علي هذه الشبهة فأرجو أن توضحوا لي الأمر.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمعنى اللعن هو الطرد من رحمة الله تعالى.

قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: اللعنة هي الطرد، والإبعاد، ولعن الكافر إبعاده عن الرحمة كل الإبعاد، ولعن الفاسق إبعاده عن رحمة تخص المطيعين. انتهى.
وقد سبق الكلام عن حكم اللعن في الفتوى رقم: 56433 وما أحيل عليه فيها.
وجواز لعن الكفار لا يعني جواز غيبة المسالمين منهم. وراجع بشأن غيبة الكافر فتوانا رقم: 23256.
وجواز لعنهم مبني على نظرة الإسلام إليهم على أنهم مستحقون للخلود في النار، وعليه فمنع لعنهم لا يغير من حقيقة الأمر شيئا، ما دام الإسلام يقرر كفرهم، ومن ثم استحقاقهم للطرد من رحمة الله، والخلود في النار إن ماتوا على ذلك. وهذه حقيقة لا تقبل المجاملة، أو المداهنة، فإن قضية الكفر، والإيمان ليست من أمور الاجتهاد التي يعذر فيها المخالف، وإلا لصار الاختلاف في أمور العقائد، والأديان بمنزلة الاختلاف في الأمور الفرعية بين الفقهاء، ولاستلزم ذلك عدم قيام حجة الله على خلقه، ومن ثم عدم لزوم اتباع دين الله، وهذا قلب للحقيقة الكبرى، وهدم لأصل الغاية من حياة البشر في الأرض منذ بدء خلقهم، فلقد خلق الله البشر في هذه الدنيا ليعبدوه وحده، ولا يشركوا به شيئا، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب بأوامره، ونواهيه، داعيا عباده للتقرب إليه، والسعي في نيل مرضاته جل اسمه، وأعلمهم أن من أطاع رسله فهو المقبول السعيد، ومن خالفهم فهو الشقي الطريد، فأقام عليهم الحجج، وقطع معاذيرهم، وأوضح لهم السبيل، فإذا خالف من خالف، وعصى الرسل، وحاربهم، وكذب بما جاءوا به من الحق المبين بعد قيام الحجة عليه، فهو مستحق للذم، والعقوبة العاجلة والآجلة؛ قال تعالى: قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.{ البقرة: 38 ـ 39}. وانظر الفتوى رقم: 170539
ولا شك أن الإسلام يدعو إلى التسامح، وحسن المعاملة مع المسلمين، ومع غيرهم أيضا ما داموا مسالمين.

وانظر الفتاوى أرقام: 45846، 72777، 100652، 141821، 168407 وإحالاتها.
إلا أن التسامح لا يكون على حساب الحقائق الثابتة من استحقاقهم للعنة الله، وغير ذلك.

وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 109157، 151275، 19652
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني