الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول اللهم كما ضرني السحر ‏بإذنك فاشفني

السؤال

أنا مصاب بالسحر المأكول، وأعيش ‏في عذاب منه منذ سنوات، وجربت ‏الكثير من الخلطات، ولم تنفع.‏
‏ هل يجوز لي أن أدعو الله بهذا ‏الدعاء: (اللهم كما ضرني السحر ‏بإذنك، فاشفني، وعافني منه بحولك، ‏وقوتك).‏
‏ هل يعتبر هذا نوعا من التسخط، أو ‏الجرأة على الله؟
وقد استدللت لهذا ‏الدعاء من الآية في سورة البقرة: ‏‏(وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن ‏الله) والآية: (وإن يمسسك الله بضر ‏فلا كاشف له إلا هو)‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تبارك وتعالى أن يشفيك، ويعافيك من السحر وغيره.

واعلم أن السحر لا يضر إلا بإذن الله تعالى، كما قال سبحانه: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ .. {البقرة: 102}.

وأما دفعه بالدعاء، وبإظهار الضعف، والتضرر بين يدي الله تعالى، فلا محظور فيه؛ فقد قال الله تعالى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {الأنبياء:83}.

إلا أن الأدب مع الله يقتضي تحاشي نسبة الضر إليه، وإن كان سبحانه هو خالقه، وموجده، ولك في ذلك أسوة بإبراهيم عليه السلام؛ إذ يقول الله تعالى على لسانه: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ {الشعراء:80}. فنسب الشفاء إلى الله دون المرض، وإن كان كل منهما بقضاء الله وقدره.
وكما ذكر الله تعالى عن مؤمني الجن قولهم: وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً {الجن:10}. فإنهم لما ذكروا الشر، ذكروه بالفعل المبني للمجهول، ولما ذكروا الخير، أضافوه إلى ربهم، وهذا من أدبهم.
وكان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو بالدعاء المأثور في قيام الليل ومنه: والخير كله بيديك، والشر ليس إليك. رواه مسلم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني