الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية الفطر للمريض إن كان الصوم يزيد مرضه أو يؤخر برأه

السؤال

أنا شاب مريض بالسرطان، وأتماثل ‏للعلاج، وقد قطعت أشواطا مهمة في ‏العلاج والحمد لله.‏
ونظرا لأني أجريت أربع عمليات ‏جراحية في ظرف سنتين، فقد أثرتا ‏علي، وأضعفتا من قوتي.‏
لقد صمت تسعة عشر يوما من ‏رمضان لهذا العام، لكن ومع الأسف ‏قضيت معظم أوقات النهار في النوم؛ ‏ذلك لأنني لا أستطيع أن أمضي ‏نهاري في أعمال ما، خوفا من ‏الإعياء؛ لأني أشكو إلى الله ضعف ‏قوتي، فإذا قمت بعمل ما- وخصوصا ‏أن رمضان يوافق حرا شديدا، ونهارا ‏طويلا،- فإنني سرعان ما أتعب، ويبدأ ‏رأسي يؤلمني.‏
سؤالي: هل يجوز لي أن أفطر، مع ‏القضاء، بعد خروج رمضان في ‏الأيام القصيرة التي أرى أنني قادر ‏على الصوم خلالها؟
‏ وشكرا.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمرض إذا كان يضر بصاحبه الصوم، أو يؤخر برأه بالتجربة، أو إخبار طبيب ثقة؛ فإنه يجوز لصاحبه الفطر، بل يجب الفطر إن خشي الهلاك، أو الضرر الشديد. ثم إن استطاع القضاء في وقت آخر، فعل، وإن لم يستطع، وكان مرضه مزمناً، لا يرجى برؤه، ولا يقدر معه على الصيام، فإن الصوم ساقط عنه؛ لقوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}.

وقد اختلفوا في وجوب الفدية، فمنهم من أوجبها عليه، ومنهم من لم يوجبها، وأصح القولين قول من أوجب الفدية، وهو مذهب جمهور العلماء. قال النووي- رحمه الله- في المجموع: قال الشافعي، والأصحاب: الشيخ الكبير الذي يجهده الصوم، أي يلحقه به مشقة شديدة، والمريض الذي لا يرجى برؤه، لا صوم عليهما بلا خلاف. وسيأتي نقل ابن المنذر الإجماع فيه، ويلزمهما الفدية على أصح القولين. والثاني: لا يلزمهما. والفدية مد من طعام، لكل يوم. وهذا الذي ذكرناه من صحيح وجوب الفدية، متفق عليه عند أصحابنا، وبه قال جمهور العلماء، وهو نص الشافعي في المختصر، وعامة كتبه. اهـ.

وانظر الفتوى رقم: 187409
وأما إذا كان الإنسان يستطيع الصوم، لكنه يحتاج مع الصوم إلى أخذ قسط من الراحة، وترك العمل في نهار رمضان، فإن عليه أن يصوم مع توفير الأسباب المعينة على الصوم من راحة، وتقليل في العمل، أو حتى تركه إلى ما بعد رمضان.

جاء في فتاوى نور على الدرب للشيخ بن باز: .. فالمؤمن يعتني بدينه أكثر، ويهتم به أكثر، فإذا كان في رمضان عنده عمل كثير، اتَّفق مع أهل العمل على تخفيفه، حتى يتمكن من الصيام، على كل حال، يعمل ما يستطيع، يعمل في أول النهار، أو آخر النهار، أو في الليل، يتفق مع العمل على الشيء الذي لا يمنعه من الصوم، وليس للعامل أن يعتذر بالعمل الشاق على الإفطار في نهار رمضان، بل عليه أن يعمل عملاً يستطيعه، ويستطيع معه الصوم. اهـ.

وهذا الكلام كله - كما هو واضح - في من عذره فقط العمل، وصعوبة الصوم معه، أما من عذره في ترك الصوم سبب آخر كالمرض، فقد قدمنا أن المرض الذي يزيده، أو يؤخر برأه الصوم، مرخص لصاحبه في الفطر.

وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 39542 - 25543 - 163983

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني