الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإسلام والإيمان متداخلان ومتلازمان

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: أريد أن أعرف هل يمكن أن يكون المؤمن غير مسلم والمسلم أن يكون غير مؤمن ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الإسلام معناه: الاستسلام والخضوع والانقياد لأوامر الله تبارك وتعالى، والإسلام بهذا المعنى: هو الأعمال الظاهرة كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور الذي رواه مسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام: أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة وتوتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا.
وأما الإيمان فمعناه: التصديق. ولهذا عرفه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المذكور فقال: الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره.
فالإيمان بهذا المعنى باطن، وكلاهما ينوب عن الآخر ويقوم مقامه إذا ذكر وحده، فإذا قيل: هذا الشخص مؤمن فمعناه أنه مسلم، وإذا قيل مسلم فمعناه أنه مؤمن، ولهذا قال أهل العلم: إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا، أي إذا ذكرا معاً فإن لكل منهما معناه الخاص، كما جاء في الحديث، وإذا ذكر أحدهما دون الآخر فإنه يتضمن الآخر غير المذكور.
وعلى هذا؛ فالإسلام والإيمان متداخلان ومتلازمان فالذي ينطق بالشهادتين ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة لا يكون لعمله قيمة إلا إذا كان مؤمنا بقلبه بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.... وإلا فهو منافق يقول بلسانه ما ليس في قلبه.
ومن اعتقد بقلبه الإيمان بالله وملائكته.... ولم تعمل جوارحه بمقتضى ذلك من النطق بالشهادتين وإقام الصلاة.... فإنه لا قيمة لإيمانه ولا ينفعه عند الله تعالى، قال الله تعالى: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [النمل:14].
ويمكن أن يوصف المسلم بأنه غير مؤمن إذا كان يطبق أحكام الإسلام في الظاهر حسب ما يبدو للناس، ولكن قلبه غير مقتنع بذلك، ولا يؤمن به كحال المنافقين والأعراب الذين أسلموا وقالوا: آمنا ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم..... فأنزل الله تعالى في شأنهم: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14].
ولكن لا يوصف الشخص بالإيمان إلا إذا كان مسلماً أصلاً لأن الإيمان خاص، أما الإسلام فإنه عام يوصف به من نطق بالشهادتين وعمل بالأحكام الظاهرة.
والحاصل أن المسلم في الظاهر يمكن أن يكون غير مؤمن، أما المؤمن فلا يمكن أن يكون إلا مسلماً وراجع الفتوى رقم: 19304.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني