الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخواتها يسئن إليها حين تزورهن فهل تترك زيارتهن

السؤال

أعيش وأعمل في مدينة، وأهلي يعيشون في مدينه أخرى وأزورهم في الإجازات لمدة أسبوع واحد فقط من كل شهرين، ومع ذلك لا أسلم من شر أخواتي في هذا الأسبوع ولا يحترمنني ويقمن بسبي ويتلفظن بألفاظ سيئة، مع أنني أكبرهن ويبين حسدهن لي وحقدهن ويمكرن بي ولا يخفن ويضايقنني جدا، وأمي لا تنهاهن عن ذلك، وتقول سامحيهن وتضحك على أفعالهن بي، فهل أقاطعهن ولا أزورهن لكي أسلم من شرهن؟ أم ماذا أفعل؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأخوات من الأرحام الذين تجب صلتهم وتحرم قطيعتهم باتفاق الفقهاء، علما بأنه لا يلزم من ترك زيارتهم قطيعتهم، لعدم توقف الصلة الواجبة على الزيارة، بل تنتفي القطيعة المحرمة بكل ما تحصل به الصلة عرفا كالسلام والاتصال الهاتفي والهدية والعيادة، وهو ما أوضحناه في الفتوى رقم: 247693.

وللمزيد في حكم قطيعة الأقارب الحاسدين تنظر الفتوى رقم: 246268.

واعلمي أن أمرك معهم دائر بين الرخصة والعزيمة، فإن شئت أخذت بالعزيمة، وهو الأولى، وذلك بأن تصليهم بالزيارة وغيرها وتصبري على أذاهم وتناصحيهم في الله، لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ. رواه مسلم.

وإن شئت أخذت بالرخصة، وذلك بأن تتركي زيارتهم وكل أساليب الصلة التي تلحق بك ضررا، لأن الأمر بصلة الرحم مقيد بأن لا يؤدي إلى الإضرار، لحديث: لا ضرر ولا ضرار.

ويستثنى من ذلك ما إذا غلب على الظن أن الهجر يفيد في إرجاعهم عن الإفساد والإيذاء، فيجوز ـ حينئذ ـ هجرهم لتحقيق هذه المصلحة الشرعية، شريطة ألا يطال الهجر الوالدة، إذ لا يحل هجرها بحال، والهجر في هذه الحال لا يكون قطيعة، بل هو من تمام الصلة والنصرة المطلوبة، لحديث أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ. رواه البخاري.

وللمزيد في تقرير ذلك تنظر الفتوى رقم: 66764.

وراجعي أيضا فتوانا رقم: 262081، بعنوان: حكم هجر الأخت المؤذية لإخوتها وأمها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني