الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة الصادقة المستوفية للشروط تمحو كل الأوزار والآثام

السؤال

هل ينتقم الله من العبد بعد التوبة؟ وهل يجب مع التوبة كثرة الاستغفار؟ أم يكفي الندم؟ حيث فعلت كل الذنوب الممكنة، فهل يمكن أن يبعث الله لي بزوج مثلي في فسقه بعد التوبة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي البداية نسأل الله تعالى أن يتوب عليك, وأن يجنبك الفواحش ما ظهر منها, وما بطن، واعلمي أن التوبة الصادقة المستوفية للشروط تمحو كل الأوزار والآثام، حتى تصير كالعدم، يقول الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}.

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كم لا ذنب له. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.

وشروط التوبة هي:

1ـ الإقلاع عن الذنب.

2ـ الندم على فعله.

3ـ العزم على عدم الرجوع إليه.

واشترط بعض أهل العلم التلفظ بالاستغفار, جاء في الأداب الشرعية لابن مفلح متحدثا عن التوبة: قال الحسن البصري: ندم بالقلب واستغفار باللسان، وترك بالجوارح، وإضمار أن لا يعود.

وقال ابن مفلح أيضا: والتوبة هي: الندم على ما مضى من المعاصي والذنوب، والعزم على تركها دائما لله عز وجل لا لأجل نفع الدنيا أو أذى، وأن لا تكون عن إكراه أو إلجاء، بل اختيارا حال التكليف، وقيل: يشترط مع ذلك: اللهم إني تائب إليك من كذا، وكذا، وأستغفر الله، وهو ظاهر ما في المستوعب، فظاهر هذا اعتبار التوبة بالتلفظ والاستغفار، ولعل المراد اعتبار أحدهما، ولم أجد من صرح باعتبارهما، ولا أعلم له وجها. انتهى.

وإذا توفرت شروط التوبة الصادقة, فإن الله تعالى يمحو ما سلف من الذنوب, مع رفع العقوبة عن مرتكبها, جاء في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: لحوق عقوبة الذنب بصاحبه إنما تنال لمن لم يتب، وقد يمحوها الاستغفار والإحسان والبلاء والشفاعة والرحمة. اهـ.

وفي طرح التثريب للعراقي: المراد بتكفير الذنب ستره، ومحو أثره المترتب عليه من استحقاق العقوبة، قال في الصحاح: التكفير في المعصية كالإحباط في الثواب أي إن معنى تكفير المعصية محو أثرها المترتب عليها، وهو العقوبة كما أن معنى إحباط الطاعة محو أثرها المترتب عليها، وهو الثواب. والله أعلم. انتهى.

وبخصوص زواجك بفاسق عقوبة لذنوبك السابقة: فهذا لا يمكننا الجزم به، فهو من الأمور الغيبية, فالبلاء قد ينزل بالعبد تكفيرا لذنوبه, أو رفعة لدرجاته, أو لزيادة حسناته, أو لغير ذلك من الحكم التي يعلمها الله تعالى وحده, وقد يعافيه الله من ذلك، فسلي الله العفو والعافية، وأحسني الظن به، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 65354.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني