الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ترك الإنجاب خوف الفقر وضيق الرزق كفر؟

السؤال

إذا كان الإنسان يشعر أن الله لن ‏يرزقه، أو يخاف من الفقر؛ لأجل هذا ‏يخاف من إنجاب الأطفال.‏
‏ فهل هذا كفر؟
وكيف يكون حسن ‏الظن بالله: يعني مثلاً لو أن إنسانا ‏فقير جداً، وأراد أن ينجب، يعني ‏كيف يحسن الظن بالله: هل يجب أن ‏يكون حسن الظن بالله بأن يكون ظنه ‏أن الله سيرزقه لا محالة؟ يعني متيقن ‏مائة بالمائة. أم إنه يدعو أن يرزقه الله، ‏وينجب؟ لكن يبقى في نفسه أن هناك ‏احتمالا أن الله لن يستجيب له، ‏وهناك احتمال أنه سيستجيب له، ويرجو أن ‏يستجيب، لكن إذا خاف ألا يستجيب.‏ فهل هذا سوء ظن أيضاً ويكون آثما، ‏أو كافرا مع يقينه بأن الله لن يظلمه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمسلم يأخذ بالأسباب، ويحسن ظنه بالله، ويوقن أن قضاء الله كله خير، وأن الله لا يقدر له إلا ما هو الحكمة، والمصلحة، وقد نهى الله تعالى عن قتل الأولاد خشية الفقر، مبينا أنه سبحانه هو الذي يرزق الأطفال، والآباء، ومن ثم فلا ينبغي لأحد أن يترك الإنجاب خشية الفقر؛ فإن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، قال تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ {الإسراء:31}. بل الأولاد من أعظم أسباب الرزق، كما في الحديث: إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم. رواه أحمد والنسائي.

وليس ترك الإنجاب خوف الفقر، وضيق الرزق كفرا، ولكنه أمر لا ينبغي بالمسلم الكامل الإيمان، الحسن الظن بربه تبارك وتعالى.

وإحسان الظن بالله، يقتضي أن يفوض العبد أمره لربه سبحانه، ويثق بحسن تدبيره له، واختياره، فإن كان ما تمناه ورجاه من سعة الرزق ونحوه فبها، وإلا فهو يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ويعلم أن لربه حكمة فيما يقدره ويقضيه، ويرضى بجميع أقضية الرب سبحانه، عالما أن عقله القاصر يعجز عن إدراك الأسرار، والحكمة التي لأجلها يقدر الله تعالى ما يقدره، فهو يحسن الظن بربه أولا، ثم يرضى بما يقدره، ويقضيه عالما أنه الحكمة والمصلحة آخرا، ويكثر مع ذلك من التوبة، والاستغفار مستحضرا أن ما يصيبه من البلاء إنما هو بسبب ذنبه، ومخالفته، كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}،. فهو يلقي باللائمة على نفسه، وينزه ربه سبحانه عن كل ما لا يليق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني