الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجمع بين الدعاء للأب المتوفى وبر الأم أمر ليس بالعسير

السؤال

أنـا في الحقيقة لدي شيء كبير، يؤثر ‏في حياتي، لا يمكن أن أسميه مشكلاً؛ ‏نظراً لمكانته، فأنا شاب في 18 من ‏عمري، منذ أن توفي أبي-رحمة الله ‏عليه-قطعت وعداً على نفسي ألا يمر ‏علي يوم إلا وأدعو له، وأستغفر له. ‏وبالفعل لم أضيع يوماً واحداً، لكن ‏الأمور زادت عن الحد، حيث أصبح ‏لدي توقيت محدد، أدخل فيه غرفتي، ‏وأنعزل عن باقي أفراد العائلة، ‏وأستغرق في الدعاء قرابة الساعتين، ‏أو أكثر بدون انقطاع، لدرجة أن أمي ‏أصبحت تطلب مني أن أتوقف عن ‏هذا الأمر اليومي. وعندما أصبحنا ‏نسافر، أصبحت أشترط الحصول ‏على غرفة خاصة بي لكي أدعو ‏لأبي، وإلا لن أسافر، وأمي قالت إنها ‏ستحاول بشتى الطرق الحد من هذه ‏الحالة التي أصبحت فيها، وأيضا أيام ‏الدراسة أسهر إلى وقت متأخر جداً ‏لكي أدعو، وأقدم الدعاء على الدراسة، ‏حتى في امتحانات الباكالوريا الأخيرة ‏لم أنم سوى ثلاث ساعات. وأنـا اليوم ‏في حيرة من أمري بين أن أطيع ‏أمي، أو الدعاء لأبي الذي أقوم به ‏بشكل يومي.‏ ‏ وعندما كنت أحاول الإعراض عن ‏الدعاء، كنت أحس وكأن أبي-والعياذ ‏بالله-يعذب، وينتظر مني أن أدعو له، ‏حيث قرأت عدة أحاديث عن الرسول ‏صلى الله عليه وسلم، تتعلق بدعاء الأبناء ‏للوالدين. وأتمنى منكم صادقاً أن ‏ترشدوني إلى الطريق الصحيح، الذي ‏أكسب به رضا أمي، وأبي معاً، ‏إضافة إلى رضا الله سبحانه وتعالى؛ ‏لأني أخاف أن يؤثر هذا الأمر على ‏علاقتي بوالدتي، أو دراستي حيث ‏كنت أتغيب أكثر من مرة عن ‏حصص الدعم، التي كانت تكون ليلاً ‏من أجل أن أدعو لأبي رحمه الله. ‏ أعتذر عن الإطالة.‏ ‏ وأرجو المساعدة.‏ ‏ ولكم جزيل الشكر.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنشكر لك برك بأبيك بعد موته، ونسأل الله أن يرحمه، ويرحم أموات المسلمين.
والطريق الصحيح لنيل رضا الله، ورضا والديك أن تدعو لأبيك دعاء لا مشقة فيه، ولا عناء، تجمع فيه بين الدعاء لأبيك، وطاعة أمك.

وما تقوم به من الدعاء لأبيك مدة ساعتين كل يوم، فيه من المشقة الشيء الكبير عليك، وعلى أمك، ومن معك، وفيه إخلال ببعض المهمات في حياتك كما ذكرت، إضافة إلى أنه لا دليل على التزام الدعاء لأبيك كل هذا الوقت، كل يوم.
فالأمر أيسر مما تتصور؛ فإن الدعاء يتأتى في أغلب الأحوال، فلك أن تدعو لأبيك في سجودك في الصلاة، أو تدعو له دبر الصلوات، في المسجد، أو في البيت، أو غيرها من الأماكن، والأحوال، وتكون بذلك قد وفيت بوعدك، ودعوت لأبيك، وبررت بأمك، ولا يستغرق منك ذلك وقتا طويلا.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني