الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لوم النفس الممدوح والمذموم

السؤال

منذ وقت استأجرنا ـ أنا وأصدقائي ـ شقة، وكان مع كل واحد مفتاح، وقبل تسليم المفاتيح قيل لنا أن نجمعها في درج أحد الأصدقاء، وعند التسليم قيل لي إن بعض المفاتيح قد ضاعت، فهل علي إثم؟ أم أنه ليس علي شيء طالما أديت ما طلب مني؟ لا أنفك ألوم نفسي على أي شيء، وألوم نفسي على أنني المسؤول والمحاسب في أي من حقوق الغير، وأعاني دائماً من لوم نفسي على أنني أعتدي على حقوق الغير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن لوم النفس على التقصير في جنب الله، أو انتهاك بعض ما حرم الله أمر محمود ومطلوب، وهو من علامات الخير للعبد، وقد أقسم الله تعالى بالنفس اللوامة، فقال: وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ {القيامة:2}.

وبين السلف ـ رحمهم الله ـ الفرق بين المؤمن الذي تلومه نفسه على الذنوب، والفاجر الذي لا تلومه نفسه عليها، بل تحثه على الازدياد منها ـ والعياذ بالله ـ فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا.

وقال الحسن البصري رحمه الله: إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه، ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ ولا أراه إلا يعاتبها، وإن الفاجر يمضي قُدماً لا يعاتب نفسه. اهـ.

لكن إذا زاد الأمر عن حده وأصبحت النفس تلوم على كل شيء حتى لو لم يكن خطأ، ولا إثما، وأصبح ذلك هو الشغل الشاغل للإنسان، فإن هذا يعد أقرب إلى الوسوسة منه إلى لوم النفس ـ كما يظهر من حال السائل ـ وهنا يختلف الحكم ويصبح على الإنسان الإعراض عن ذلك اللوم وصرف النفس عنه حتى يستطيع أن يتعبد الله تعالى ويقضي حاجاته الحياتية ويتعامل مع غيره بشكل طبيعي، وانظر لعلاج الوسواس فتوانا رقم: 51601.

وبالنسبة لما يخص السؤال الذي بدأت به، فإنك مادمت أديت ما طلب منك ووضعت المفتاح الذي كان معك في المكان المخصص له ـ حسب الاتفاق ـ فقد انتهت مسؤوليتك هنا، وليس عليك بعد ذلك شيء، وراجع للفائدة الفتويين رقم: 28804، ورقم: 191851.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني