الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تولي من وقع في الردة عقد النكاح

السؤال

ما حكم عقد زواجي حيث شككت في إسلام أبي، وهو الولي في العقد خاصة وأنه قد حصل خلاف قبلها بيوم وحينها نطق كلمات كفرية حين غضبه الشديد ولا أدري أقالها وهو يدري ويعي ما يقول فيصبح مرتدا؟ أم قالها في غلبة الغضب، فلا يقع له بها حكم الردة؟ بل وأخاف أن يكون أبي سابقا في حياته نطق سب الله والرسول صلى الله عليه وسلم وهو يعي ما يقول فيكون مرتدا من حيث لا يدري ويبطل عقدي خاصة وأنه معتاد على سب الله وهو يظن ذلك معصية، فهل تجب إعادة عقدي، لأنني محرجة من أن أطلب من أبي أن ينطق الشهادتين مباشرة؟ وهل أعتبر صلاته المتضمنة للشهادتين؟ وحينها لم يكن يصلي إلا صلاة الفجر؟ وما حكم إسلامه لو كان نطق الشهادتين حين صلاته سرا في نفسه دون أن ينطقها بلسانه سرا؟ وهل يحكم بإسلامه؟ وفي العقد حضر أبي وكل أوليائي الآخرين وكلهم موافقون، فهل أطمئن لصحة العقد لكون باقي أوليائي قد وافقوا؟ ونحن في فلسطين لا نكفر تاركي الصلاة، فهل يصح عقدي رغم تركه للصلاة؟ وهل هناك دليل على بطلان النكاح لمن عقد لها وليها المرتد؟ وهل يجوز تصحيح زواجي بناء على من يصحح نكاح الفضولي؟ وهل الوالد يعذر بجهله؟ وهل هناك من يعذر هولاء الذين يرتدون كل يوم بسب الله جهلا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فواضح أنك مصابة بشيء من الوسواس لذا ننصحك بما ننصح به المصابين بهذا الداء من الإعراض التام عنه وعدم الاسترسال فيه، وراجعي لمعرفة سبل التخلص منه الفتوى رقم: 51601.

وفيما يخص سؤالك، فمن المعلوم أن النكاح عند الجمهور يشترط فيه الولي، ومن أهم شروط الولي الإسلام، وعليه فإذا كان أبوك قد سب الله تعالى أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو تلفظ بما يخرج من الملة، ولم يتب من ذلك، فإن عقده لوليته لا يصح عند جمهور أهل العلم، بل يفسخ قبل الدخول وبعده، لكن إن تاب قبل العقد، أو صلى عند من يقول إن الصلاة كافية لتوبة الكافر، صح عقده، وانظري الفتوى رقم: 177353.

وعند الحنفية أن عقد المرتد صحيح، إذا أذنت له المرأة، لأنهم لا يشترطون الولي في النكاح، جاء في المبسوط: إن زوجها أبوها, وهو عبد، أو كافر ورضيت به جاز، لأن العقد كان موقوفا على إجازتها، ألا ترى أنها لو أذنت في الابتداء نفذ عقده بإذنها، فكذلك إذا أجازت في الانتهاء. اهـ.

أما بالنسبة لترك الصلاة من غير جحود لفرضيتها: فقد اختلف في كونه مخرجًا من الملة، وانظري الفتوى رقم: 177285.

وننصحك بأن تبيني لوالدك أمور دينه، وتحذريه من خطورة ترك الصلاة، ومن خطورة التلفظ بما يخرج من الملة، وليكن ذلك كله برفق ولين لعل الله يهديه على يديك وتنالين عظيم الأجر، قال النبي صلى اله عليه وسلم: فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ. متفق عليه.

ثم إننا نرى أن ترفعي أمرك للمحاكم الشرعية في بلدك، لأن مسالتك متشعبة وتحتاج إلى من يسبر جميع أغوارها ليتأكد من جميع الحيثيات والتفاصيل، وليتبين طبيعة ما قال والدك، وهل هو مخرج فعلا من الملة أم لا؟ وهل تاب منه أم لا؟.. إلخ، وراجعي لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 253855، 259153، 17875.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني