الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال لزوجته: علي بالحرام

السؤال

امرأة متزوجة طلب منها زوجها أن تقوم بغرف الماء بعد الاستحمام، وهي حامل في الشهر السادس، فرفضت ذلك، فقام بضربها، فذهبت إلى بيت أسرتها، وعند سؤالها من قبل أبيها أجابت بأنه لم يحدث بينها وبين زوجها خلاف، فأمرها أبوها أن ترجع إلى بيتها، وأن تقبل رأس زوجها ثلاثا، وإن لم تفعل ذلك فإنه لن يكون راضيا عنها، وفعلا ذهبت إلى منزل زوجها، وأرادت أن تفعل ما طلب منها والدها، ولكن زوجها أخبرها بأنه لا يجوز لها أن تقترب منه، لأنه قد حلف عليها بالحرام ـ أي قال علي بالحرام ـ وأيضا أخبرها بأنه يجب أن لا ترتدي أمامه ملابس البيت العادية، وأنه يجب أن لا تنام معه في غرفة واحدة.. فطلبت منه أن يستفتي شيخا، أو أن يسأل أهل العلم، فرفض ذلك وقال إنه لن يسأل، ولا يريد أن يفعل ذلك، وعليها أن تتعايش مع الوضع الحالي، لأنه لا يريد تغييره، فما حكم الدين فيما حصل؟ وما صحة حديث الزوج؟ وما هو المطلوب من الزوجة؟ وما الواجب منها الآن؟ علما بأن بينهما ثلاثة أطفال، وهي حامل الآن في الشهر السادس.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل وجوب طاعة المرأة زوجها، وحيث إن الحامل يشق عليها كثير من الأمور، إما بدنياً، أو نفسياً، فكان على الزوج أن يتفهم ذلك، وقد بينا في الفتوى رقم: 136039، أن اعتداء الزوج على زوجته دون سبب يعتبر من كبائر الذنوب.

ومع ذلك، فخروج الزوجة من بيتها لا يجوز إلا بإذن الزوج، ويستثنى من ذلك بعض الحالات التي بيناها في الفتوى رقم: 95195، ومن هذه الحالات أن تخرج للاستعانة بمن يدفع عنها الضرر من ولي وقاض.

وعليه، فإنما يجوز لها الخروج إذا كان مقصودها الاستعانة بوليها، أو غيره، على دفع الضرر، وإلا لم يجز لها ذلك، ولم يكن لها أن تكذب على أبيها، وكان الأحسن ـ حتى لو أرادت كتمان فعل زوجها ـ أن تُعرِّض، ففي المعاريض مندوحة عن الكذب، وأما ما قاله الزوج، فيختلف باختلاف نيته، فقد يكون طلاقاً، أو ظهاراً، أو تحريماً، وانظر الفتويين رقم: 30708، ورقم: 148719، ففيهما ذكر ما يترتب في كل حالة.

وعلى هذا، فلتبين الزوجة الحكم للزوج، حتى ينظر حاله، وما قصده، فإن كان نوى الظهار، فهو ظهار، قال الحجاوي في متن الإقناع وهو من أئمة الحنابلة: ويحرم على مظاهِر ومظاهَر منها الوطء والاستمتاع منها بما دون الفرج قبل التكفير. انتهى.

وإن كان نوى الطلاق، فهو طلقة رجعية، وقد بينا في الفتوى رقم: 231676، ما تجتنبه المطلقة الرجعية وما لا تجتنبه.

وإن نوى اليمين، أو لم ينو شيئاً، فهو يمين، فعن ابن عباس: إذا حرم الرجل عليه امرأته، فإنما هي يمين يكفرها. انتهى.

والكفارة إنما تجب بالحنث في اليمين، وصحح جمهور أهل العلم فعلها قبل الحنث، كما في الفتوى رقم: 17515.

ويمكنها أن توسِط بعض العقلاء كي يُكلموا زوجها ليتجاوزعنها، ويعذرها، ويمتثل لحكم الله، ولا يهدم بيته، ويمكنها أن تعود إلى أبيها لتصارحه بما حصل ليكون عونا لها فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني