الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى: الصمد، وما تتضمنه عبارة: لا ‏إله إلا الله، وحده، لا شريك له، له ‏الملك...

السؤال

ما صحة هذا التفسير لعبارة: " لا ‏إله إلا الله، وحده، لا شريك له، له ‏الملك، وله الحمد، وهو على كل ‏شيء قدير"‏
لا إله إلا الله، وحده لا شريك له: ‏توحيد الألوهية.
له الملك، وله الحمد: توحيد الصفات. ‏
وهو على كل شيء قدير: توحيد ‏الربوبية. ‏
فتكون هذه العبارة قد احتوت على ‏جميع أنواع التوحيد.‏
وما صحة هذا التعريف لاسم الله ‏الصمد.‏
الصمد: هو القيوم الذي افتقرت ‏الخلائق لقيوميته، والغني الذي ‏استغنى عن جميع خلقه. ‏
وجزاكم الله خيرا. ‏
أسألكم الدعاء لي بالرزق الحلال.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يرزقنا وإياك من الحلال، وأن يبارك لنا فيه.

وأما بخصوص سؤالك: فالفقرة الأولى من الذكر دالة بجلاء على توحيد الألوهية.

وأما الفقرة الثانية: فهي أظهر في الدلالة على توحيد الربوبية؛ حيث عرفه أهل العلم: بأنه إفراد الله بأفعاله، أي أننا نعتقد أن الله منفرد بالخلق، والملك، والتدبير. وإن كانت أقسام التوحيد الثلاثة متلازمة. وانظر الفتويين: 2495، 16146

وأما الفقرة الثالثة: ففيها إثبات صفة القدرة، واسم القدير لله جل وعلا، وهذا داخل في توحيد الأسماء والصفات.

وعلى ذلك، فقد تضمنت هذه الفقرة شيئا من توحيد الأسماء والصفات، إلا أنها لم تستوعبه. وبذلك يتضح أن هذا الذكر له تعلق بأنواع التوحيد الثلاثة.

وأما معنى اسم الصمد، فيقول فيه شيخ الإسلام ابن تيمية: فيه للسلف أقوال متعددة قد يظن أنها مختلفة؛ وليس كذلك؛ بل كلها صواب. والمشهور منها قولان:

أحدهما: أن الصمد هو الذي لا جوف له.

والثاني: أنه السيد الذي يصمد إليه في الحوائج.

والأول: هو قول أكثر السلف من الصحابة، والتابعين، وطائفة من أهل اللغة.

والثاني: قول طائفة من السلف، والخلف، وجمهور اللغويين، والآثار المنقولة عن السلف بأسانيدها في كتب التفسير المسندة، وفي كتب السنة وغير ذلك... وقال قتادة: الصمد الباقي بعد خلقه. وقال مجاهد، ومعمر: هو الدائم. وقد جعل الخطابي، وأبو الفرج ابن الجوزي الأقوال فيه أربعة، هذين، واللذين تقدما. وسنبين إن شاء الله أن بقاءه ودوامه من تمام الصمدية ...."

وقال: لفظ الصمد فيه الجمع، والجمع فيه القوة؛ فإن الشيء كلما اجتمع بعضه إلى بعض، ولم يكن فيه خلل كان أقوى مما إذا كان فيه خلو. ولهذا يقال للمكان الغليظ المرتفع: صمد؛ لقوته، وتماسكه، واجتماع أجزائه، والرجل الصمد هو السيد المصمود؛ أي المقصود. يقال: قصدته، وقصدت له، وقصدت إليه، وكذلك هو مصمود، ومصمود له، وإليه، والناس إنما يقصدون في حوائجهم من يقوم بها. وإنما يقوم بها من يكون في نفسه مجتمعا قويا ثابتا. اهـ.

ويقول ابن القيم: فإن الصمد من تصمد نحوه القلوب بالرغبة والرهبة، وذلك لكثرة خصال الخير فيه، وكثرة الأوصاف الحميدة له؛ ولهذا قال جمهور السلف، منهم عبد الله بن عباس: الصمد: السيد الذي كمل سؤدده، فهو العالم الذي كمل علمه، القادر الذي كملت قدرته، الحكيم الذي كمل حكمه، الرحيم الذي كملت رحمته، الجواد الذي كمل جوده، ومن قال إنه الذي لا جوف له، فقوله: لا يناقض هذا التفسير؛ فإن اللفظ من الاجتماع، فهو الذي اجتمعت فيه صفات الكمال، ولا جوف له، فإنما لم يكن أحد كفوا له لما كان صمدا كاملا في صمديته. اهـ.

وعلى ذلك فالتعريف المذكور في السؤال غير دقيق، وإن كانت صمديته جل وعلا تستلزم كونه قيوما وغنيا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني