الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن زوجة وخمسة أبناء وست بنات وأخ لأب، والزوجة لها دعوى

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على ‏المعلومات التالية:‏
‏-للميت ورثة من الرجال: ‏
‏ (ابن) العدد 5‏
‏ (أخ من الأب) العدد 1‏
‏-للميت ورثة من النساء: ‏
‏ (بنت) العدد 6‏
‏ (زوجة) العدد 1‏
‏-معلومات عن ديون على الميت: ‏‏
(ديون)‏
‏-إضافات أخرى: والدي توفي بعد ‏مرض بالزهايمر مدة 9سنوات، وله ‏ذرية من زوجته التي في ذمته ‏‏(والدتي) وأربعة منهم من طليقته، ‏وقبل أن يصاب بالزهايمر، أي قبل ‏‏10 سنوات تقريبا، كان مدينا لوالدتي ‏بمبلغ100 ألف ريال، وقال لها أن ‏تأخذ منزلنا مقابل ذلك المبلغ، مع ‏العلم أنه في ذلك الوقت كان يُقدر ثمنه ‏بهذا المبلغ، ولكن قبل أن ينقل لها ‏ملكية البيت، مرض، وقد توفي.‏
‏ فما العمل؟
جزيتم خير الجزاء.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فنقول ابتداء: إذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر، فإن لزوجته الثمن، فرضا؛ لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى (... فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ...) [النساء: 12]. والباقي للأبناء، والبنات تعصيبا، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ...) [ النساء: 11]. ولا شيء لأخيه من الأب؛ لأنه لا يرث مع وجود ابن الميت.
قال ابن المنذر في الإجماع: وأجمعوا على أن الإخوة من الأب والأم، ومن الأب، ذكورا، أو إناثا لا يرثون مع الابن، ولا ابن الابن وإن سفل، ولا مع الأب. اهــ.
فتقسم التركة على مائة وثمانية وعشرين سهما: للزوجة ثمنها، ستة عشر سهما، ولكل ابن أربعة عشر سهما، ولكل بنت سبعة أسهم.
وهذه صورتها:
جدول الفريضة الشرعية

الورثة/أصل المسألة 8*16 128
زوجة 1 16

5أبناء

6بنات

7

70

42

وأما ما ذكرته من أن لوالدتك دينا على والدك الميت، وأنه قال لها خذي البيت، فإنها تطالب بإقامة البينة على أمرين:
أولهما: على الدين، فإذا ادعت والدتك، أو غيرها من الورثة أن لها دينا على الميت، فإنها تطالب بإقامة البينة، أو يقرّ لها الورثة بالدين، وقد جاء في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَوْ يُعْطَى اَلنَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ، وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنِ اَلْيَمِينُ عَلَى اَلْمُدَّعَى عَلَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْه. وَلِلْبَيْهَقِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: اَلْبَيِّنَةُ عَلَى اَلْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ. اهــ.
قال الصنعاني في السبل: والحديث دال على أنه لا يقبل قول أحد فيما يدعيه لمجرد دعواه، بل يحتاج إلى البينة، أو تصديق المدعى عليه ...اهـ.
والبينة التي تثبت بها الأموال أقلها رجل وامرأتان، أو رجل، ويمين المدعي.
جاء في المغني لابن قدامة: وَلَا يُقْبَلُ فِي الْأَمْوَالِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَرَجُلٍ عَدْلٍ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ ... وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ ثُبُوتَ الْمَالِ لِمُدَّعِيهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنِ، وَشُرَيْحٍ، وَإِيَاسَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، وَرَبِيعَةَ، وَمَالِكٍ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَالشَّافِعِيِّ. اهــ مختصرًا.
فإن قامت البينة على أن لوالدتك دينا على والدك، أو صدقها الورثة أخذته من التركة قبل قسمتها؛ لأن الدين مقدم على حق الورثة في المال. وإذا لم تقم بينة على الدين، ولم يصدقها الورثة، فليس لها شيء، وعند الاختلاف لا بد من رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية.
ثانيهما: تطالب بإقامة البينة على أنه قال لها خذي البيت مقابل الدين، فإن ثبت أنه قال لها خذي البيت مقابل الدين، وقبلت ذلك في وقته، أخذت البيت؛ لأن هذا صلح، والصلح كالبيع، كما قال صاحب الزاد في خيار المجلس: يثبت في البيع، والصلح بمعناه ... اهــ.
قال ابن عثيمين في شرح الزاد: قوله: «والصلح بمعناه» أي: يثبت الخيار في الصلح الذي بمعنى البيع، فالضمير في قوله: «بمعناه» يعود على البيع، وذلك أن الصلح قسمان، كما سيأتي في بابه، أحد القسمين ما كان بمعنى البيع، مثل أن يقر الإنسان لشخص بمائة صاع من البر، ثم يصالحه المقر له على هذه الأصواع بمائة درهم، فهذه مصالحة بمعنى البيع؛ لأنها معاوضة واضحة. اهــ.
وإن لم يثبت أنه قال لها ذلك، وقامت البينة على الدين، فإنه ليس لها أن تأخذ البيت، وإنما تأخذ من التركة مائة ألف، أو تصطلح مع الورثة على أخذ شيء من التركة مقابلها سواء البيت، أو غيره.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني