الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أثر المعاصي على النفس وعلى حلاوة الطاعة واليقين

السؤال

كنت سابقا أثق بالله ثقة غير عادية وفي قدرته وفي إجابة الدعاء وكنت أدعو بالمستحيل وأقول لا يوجد مستحيل على الله، والله على كل شيء قدير، وكان الله يستجيب، وكنت حينئذ لم أصل إلى هذه المرحلة من العلم بالدين الذي وصلت لها الآن، لأنني تفقهت في الدين وأصبحت أعلم ما هي المعاصي، وبفضل الله وحده أبتعد عنها وأفعل حسنات وأعلم أحاديث وأعلم أكثر في القرآن، ومنذ حوالي شهر أحس أنني عندما أدعو الله فمن الممكن أن لا يستجيب الله، دعائي، أو أحس بعد الاستجابة في صدري أن من الممكن أن أكون قد عملت شيئا يغضبه، ولا أعرف لماذا؟ وأحاول أن أتجاهل هذا الإحساس وأقنع نفسي وأطلع على فيديوهات الدعوة والتقرب إلى الله وأسمع محاضرات، كما أنني من وقت لآخر أحس بضيق صدر ولا أعلم لماذا؟ بحثت عن أي معصية لأتوب، ولكنني لم أجد، فماذا أفعل؟ أحب الله وأحب القرب منه والثقة بدعائة... ولا حول ولا قوة ألا بالله، كما أنني اكتشفت ذنبين لم أكن أعلم أنهما يغضبان الله وتبت، ولكن يوجد إحساس أيضا بضيق الصدر وقلة ثقة بالله، ولم أجد ذنبا ولا مبررا، ولا أجد حلاوة الدعاء ولا الثقة والتوكل على الله، وأحس بضيق وأنا أدعو، والآن أتقي الله أكثر، وأركز على بر الوالدين وأتعب نفسي في برهما وخدمتهما لأدخل الجنة, أطلب أن تدعو لي بالهداية والسعادة في الدارين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

بداية نسأل الله تعالى لك الهداية والتوفيق والسداد، وأن يشرح صدرك وينير دربك، وأن يجزيك خير الجزاء على برك بوالديك وحرصك على التفقه في دينك، وبالنسبة لما تحسينه من ضيق صدرك وعدم انشراح نفسك للدعاء مع ضعف ثقتك بالله عز وجل.. فلا نشك أنه من كيد الشيطان ليصرفك عن طاعة ربك وحلاوة مناجاته والتقرب إليه والثقة به سبحانه وتعالى، لذا ننصحك ـ إن كان الأمر كذلك ـ بالإعراض التام عنه، وراجعي بشأن سبل التخلص منه الفتوى رقم: 51601.
وقد يكون تسلط الشيطان عليك ناتج عن ذنب نسيته، فالعبد قد يذنب الذنب فينساه، كما قال الله تعالى: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {المجادلة:6}.

فالذنوب والمعاصي لها آثار كثيرة على العبد، منها: وقوع الوحشة بينه وربه، يقول ابن القيم رحمه الله: ومن عقوباتها أنها توقع الوحشة العظيمة في القلب فيجد المذنب نفسه مستوحشا، قد وقعت الوحشة بينه وبين ربه، وبين الخلق وبين نفسه، وكلما كثرت الذنوب اشتدت الوحشة، وأمر العيش عيش المستوحشين الخائفين، وأطيب العيش عيش المستأنسين. اهـ.

فالواجب عليك الآن تجديد التوبة إلى الله تعالى من كل الذنوب، مع الإكثار من الاستغفار والذكر وقراءة القرآن، فذلك سبب هام لانشراح القلب وطمأنينة النفس، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.

ولا يشترط لصحة التوبة تذكر الذنب، كما نوصيك بطلب الدعاء من الوالدين اللذين ذكرت أنك بارة بهما، فدعوة الوالدين لولدهما من الدعوات المستجابات، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهن، لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الشيخ الألباني.
وراجعي بشأن الأسباب التي تقوي الثقة بالله والتوكل عليه فتوانا رقم: 178009.

ونوصيك للاستزادة في ذلك بالرجوع إلى منزلة التوكل، ومنزلة الثقة بالله، من كتاب مدارج السالكين لابن القيم رحمه الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني