الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قوله تعالى: (أستجب لكم) معناه أجبكم

السؤال

لماذا قال الله في كتابه: ادعوني أستجب لكم ـ ولم يقل أجيب لكم، وكما تعلمون: فإن كلمة استجاب تفيد طلب الإجابة مثل كلمة استنصر أي طلب النصرة؟.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن استفعل تدل على الطلب كثيرا، وقد تأتي لغيرها، ومن ذلك أستجب هنا، وفليستجيبوا لي في الآية الأخرى، فكلاهما بمعني الإجابة، ومثله قول الشاعر:
وداع دعا يا من يجيب إلى الندى ... فلم يستجبه عند ذاك مجيب.

يعني لم يجبه، قال الطبري: يقال: استجبت له واستجبته بمعنى أجبته، كما قال كعب بن سعد الغنوي: وداع دعا يا من يجيب إلى ... الندى فلم يستجبه عند ذاك مجيب ـ يريد: فلم يجبه، وبنحو ما قلنا في ذلك قال مجاهد وجماعة غيره. اهـ.

و قال أبو حيان: والأصل في صيغة استفعل أن تدل على الطلب، من ذلك قوله عز وجل: وإياك نستعين {الفاتحة:5} فالاستعانة هنا هي طلب المعونة من الله سبحانه، ومن هذا القبيل قوله عز وجل: واستعينوا بالصبر والصلاة {البقرة:45} ولكنها قد تأتي أحيانًا بمعنى أفعَلَ، كأجاب واستجاب، من ذلك قوله تعالى: فاستجاب لهم ربهم {آل عمران:195} فاستجاب هنا بمعنى: أجاب، كما في قوله عز وجل: فاستجاب لهم ربهم، أي: أجاب دعاءهم، ومن ذلك قوله عز وجل: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا {البقرة:17} فاستوقد، هنا بمعنى أوقد، حكى أبو زيد: أوقد واستوقد بمعنى، وعلى وَفْق هذا جاء قوله عز وجل: إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا {آل عمران:155} فقوله: استزلهم، بمعنى: أزلهم الشيطان، فيدل على حصول الزلل، ويكون استزل وأزل بمعنى واحد، كقوله تعالى: فأزلهما الشيطان عنها {البقرة:36}على أحد تأويلاته، ومن هذا الباب أيضًا قوله عز من قائل: كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران {الأنعام:71} فاستهوته هنا من الهويِّ، أي: ألقته في هُوَة، وجعلته يتقبل ما تريد، واستولت عليه، دون أن يكون لديه أي دليل، أو حجة على صحة ما تدعوه إليه بأن صار عجينة تشكله الشياطين كما تشاء، ومنه أيضًا قوله سبحانه: لا يستنقذوه منه {الحج:73} فاستنقذ ـ استفعل بمعنى أفعل أي: أنقذ، ويقال مثل ذلك في قوله سبحانه: سحروا أعين الناس واسترهبوهم {الأعراف:116} أي: أرهبوهم، وقوله تعالى: واستعمركم فيها{هود:61} أي: أعمركم فيها، بمعنى أسكنكم فيها، وقوله عز وجل: فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به {التوبة:111} أي: أبشروا. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني