الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الزواج بدون ولي ولا شهود

السؤال

رجل تزوج بامرأة أرملة زواجا عرفيا حتى لا ينقطع عنها معاش زوجها المتوفى، والأرملة تبلغ من العمر 52 عاما، وتم عقد القران بواسطة محام، وكان هذا المحامي هو نفسه الشاهد الأول، أما الشاهد الثاني فكان رجلا من طرف المحامي، ولم يشهد عقد الزواج، ولم يعلم عنه شيئا أحد من عائلة الزوجة، علما بأن أباها متوفى منذ زمن بعيد، وكذلك أعمامها، ولها ولدان أحدهما متزوج، والآخر تخرج من الجامعة، ولا يريدون لها أن تتزوج مطلقا، وليست لديهم حجة شرعية في هذا الرفض، ويلتقي الزوجان سرا حتى لا يعلم أحد من أهلها بالأمر، فهل هذا الزواج صحيح شرعا؟ وهل ما يترتب عليه من علاقة زوجية بينهما حلال شرعا؟ فقد أفتاني أحد العلماء بأنه زواج صحيح، ولكنه أضاع الحقوق الشرعية، فيأثم الزوجان فقط لضياع تلك الحقوق، فما رأى فضيلتكم؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذا الزواج اختل فيه بعض الشروط، حيث لم يوجد فيه شاهدان يشهدان عليه، ولا يغني المحامي عن الشاهدين ولا سيما إن كان هو العاقد، فلا تقبل شهادته في ذلك، لأنه شهد على فعل نفسه، ففي حاشية الصاوي المالكي على الشرح الصغير: ولا تصح شهادة المتولي أيضا، لأنها شهادة على فعل النفس. انتهى. وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: الحنفية والشافعية والمشهور عن أحمد: أنه لا يصح عقد النكاح إلا بإشهاد على العقد لقوله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ـ وعند المالكية: الإشهاد على العقد مستحب, لكن يشترط الإشهاد عند الدخول, فإن أشهدا قبل الدخول صح النكاح. انتهى.

كما فقد في هذا النكاح أيضا شرط الولي, ولا يصح زواج المرأة بلا ولي وشاهدي عدل، بل هو باطل ولا تحل به العلاقة الزوجية عند جمهور العلماء، خلافا للحنفية في مسألة الولي، ويدل لترجيح مذهب الجمهور في اشتراط الولي ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: لا نكاح إلا بولي. أحرجه ابن حبان والحاكم وأبو داود وغيرهم، وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بدون إذن وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل. رواه أصحاب السنن وصححه الألباني.

ويقول أيضاً: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له. رواه الخمسة إلا النسائي.

وقد دل هذا على أن النكاح لا يصح إلا بولي، ولا تملك المرأة تزويج نفسها، ولو حصل بسبب هذا الزواج حمل فإن الولد يلحق بمن تزوج بالمرأة، وإذا كان هذا العقد باطلا فلابد من تجديده بكامل أركان النكاح وشروطه المعتبرة شرعا من حضور ولي الزوجة أو وكيله وشهادة الشهود وغير ذلك،

هذا وننبه على أن الأبناء لا يجوز لهم منع أمهم من الزواج، ولذا ننصح بتجديد العقد بإذن أحد أوليائها الذين هم أبناؤها، فإن امتنعوا فلها رفع الأمر إلى القاضي ليزوجها أو يوكل من يزوجها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له. كما في المسند والسنن.

ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 51368، 116740، 115889.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني