الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الانتفاع من مال الوالد المختلط والسفر للحج والعمل دون رضاه

السؤال

أشكركم جزيل الشكر على مجهوداتكم المتواصلة، وأدعو الله أن يقويكم، ويعينكم، ويجعل ما تقدمون في ميزان حسناتكم.
الأمر الأول: المشكلة عندي هي أن والدي يتعامل مع البنوك عن طريق إيداع ماله فيها، وعندما علمت ذلك، أنكرت في نفسي، وحيث إن والدي صعب جدا إقناعه، قلت لأمي حاولي، وقولي له إن ذلك ربا، وأن حرمة الربا حرمة كبيرة جدا جدا. وبينت لها قول الله تعالي في سورة البقرة من آيات الربا، واقتنعت، وقالت له. وعندما قلت لأمي ماذا فعلت معه في هذا الموضوع؟ قالت لي إنها قالت له، وإنه قال سأكلم موظف البنك لإيقاف تلك الفوائد، ومن يومها بدأت أطمئن، ولكني غير متأكد من إيقافه لتلك الفوائد أم لا. وعندما أتت مناسبة كلام جاءني شيء جعلني أقول له عن ذلك، وقلت له " هل ألغيت الفوائد يا أبي أم لا؟ " قال لي: لا، لم ألغها. فقلت له: " لماذا ؟ هذا ربا " فلم يفدني بشيء، وقال لي: إن راتبك الذي تتقاضاه من الحكومة يعتبر فيه ربا؛ لأنه عن طريق البنك، فلم أستطع إقناعه. ولما كان هذا الشيء وهو الربا يخيفني جدا جدا، وأخشاه فاحترت، ولم أستطع فعل شيء، مع العلم بأنه قام بعمل مشروع، وهذا المشروع تمت نشأته عن طريق ماله المودع في البنك، والذي قد اختلط بالربا، وأنا الوحيد من دون إخوتي الذي يقصدني في مساعدته في هذا المشروع بسواعدي، ويأتي هذا المشروع لنا بالخير، فنأكل منه جميعا في البيت. فهل هذا الطعام حرام علينا أكله؟
والأمر الثاني: أنني شاب عمري 27 سنة، وأعزب، وأقوم ببناء منزل لأعيش فيه، ومع ظروف الحياة الصعبة، فإنه سيعطيني من بعض هذا المال المختلط حتى أكمل بيتي.
فهل هذا المال لا يجوز لي أخذه؟ أم يجوز لي أخذه ؟ مع العلم بأنني لا أستطيع إكمال بيتي بمفردي؛ لأنكم تعلمون ما نعانيه في مصر من الغلاء.
فهل حرام علي أخذ هذا المال منه؟ ولو لم آخذه سأتأخر سنوات أخرى حتى أكمل بيتي.
فما الحل ؟
الأمر الثالث: الحمد لله، أكرمني الله بوظيفة مدرس بالتربية والتعليم، ولكن بمسافة تبعد عن منزلي أكثر من 500 كيلو؛ ونظرا لظروف الغربة في بلد عملي، فإن راتبي يضيع أغلبه في المواصلات، والسكن، والمعيشة هناك. فتقدمت ببياناتي لشركات التوظيف حتى أعمل في السعودية بالتحديد، وذلك لأقيم فريضة الحج، وأجمع بعض المال الحلال بإذن الله من العمل هناك، وأبتعد عن شبهات مال أبي فعندما قلت ذلك لأمي، وأبي، رفض أبي هذا الموضوع، ورفضت أمي. وبعد معاناة أقنعت أمي، ولكن أبي كالعادة لا يستطيع أحد إقناعه بشيء سوى ما يراه هو.
فماذا أفعل أسافر أم لا ؟ فهل لو سافرت بنية قضاء فريضة الحج، وجمع المال الحلال للابتعاد عن شبهات مال أبي، سأكون عاقا وعاصيا لأبي؟
وأتأسف على الإطالة، ولكني فعلا متحير من هذه الأمور؛ لأنني أعلم حجم مخاطر الربا ومدى حرمته.
ووفقكم الله وأعانكم على ما فيه خير العباد والبلاد، وسدد خطاكم وجعل ما تقدمونه في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا تحرم معاملة صاحب المال المختلط على الراجح، وقد سبق لنا تفصيل ذلك في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 6880، 65355، 262861.
وعلى ذلك، فلا حرج عليك في العمل مع والدك، ولا في قبول هبته، وعليك أن تستمر في مناصحته ليتوب من التعامل بالربا.
وأما مسألة سفرك طلبا للحج، والرزق دون موافقة أبيك، فلا حرج عليك في ذلك، ما دمت لا تخشى عليه الضيعة، ولم يكن في سفرك، أو بلد إقامتك مهلكة، وراجع في ذلك الفتويين: 107996، 209953.

ومع ذلك فإننا ننصحك بالاجتهاد في طلب موافقته، وتحصيل رضاه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني