الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يفعله الموسوس عند قضاء الحاجة وبعدها

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 18 عاما: كنت أمكث في الحمام في البداية 15 دقيقة، ثم 30، ثم ساعة، أقعد ثم أخرج وأعود مرة ثانية، والصلاة تفوتني، ذهبت إلى دكتور المسالك البولية وقلت له أن يعمل لي تحاليل، فقال لي أنت سليمة، فحزنت وتمنيت أن يكون عندي شيء، وصرت أشك في مريم العذراء وأشك في أنني مسلمة، وأشك في الله، ودائما أقول آمنت بالله ورسوله، ولم أكن أعرف القصة البيضاء ولا الجفوف وعندي إفرازات، ودائما حزينة ونقص وزني، وعندي صداع.... وصرت عصبية جدا، وقرأت الرقية الشرعية....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنا نسأل الله لك العافية والتخلص مما تعانين منه، ونخشى أن يكون في ما ذكرت شيء من الوسواس القهري، وننصح بعلاجه بالإعراض الكلي عنه وتعمير الأعمال وشغل الطاقة بالأعمال المفيدة المسلية عنه فاشتغلي بحفظ القرآن وبالتعلم للفقه والسيرة والحديث والتفسير وبما تيسر من الدعوة إلى الله تعالى وخدمة أهلك ومجتمعك، وحاولي عمل ما تيسر من الرقية الشرعية وواظبي على التعاويذ والأذكار المأثورة صباحا ومساء وعند دخول البيت ودخول الحمام، وحسني الظن بالله تعالى، وثقي أن من واظب بحضور قلب على الأذكار لن يستطيع الجن ولا المعتدون الاعتداء عليه، وإذا أمكن أن تجدي طبيبة نفسانية وتعرضي عليها نفسك فهو مهم لك، ويمكن أن تستشيري إخواننا في قسم الاستشارات الطبية والنفسية، واعلمي أنه لا ينبغي أن يبالغ الشخص في الاستبراء بحيث يصير موسوساً، وليتجنب طول المكث في الحمام زيادة عن الحاجة لما يترتب على ذلك من مخاطر، واعلمي أن العبادة مبناها على التخفيف ورفع الحرج، قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}.

فيكفي في الاستنجاء تنقية المخرج من البول أو الغائط، ولا ينبغي أن يتكلف في إخراج ما ليس بخارج، وإذا استنجى الشخص فليعرض بعد ذلك عما يخيل إليه من وساوس في شأن خروج بعض الريح أو البول، ويستحب أن ينضح فرجه وسراويله بالماء بعد أن يستنجي، فإذا أحس ببلل بعد ذلك اعتبره من ذلك الماء الذي نضح به قطعاً للوسوسة، ولا يلتفت إلى ذلك الإحساس بأن الحدث سيخرج، إذ لا عبرة بما لم يخرج، كما لا عبرة بالشك في خروج ذلك أيضاً، بل لا بد من تيقن الخروج، لحديث عباد بن تميم عن عمه قال: شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد ريحاً، فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً. رواه البخاري ومسلم.

وقال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوسواس عنه، قال حنبل: سألت أحمد بن حنبل قلت: أتوضأ وأتبرأ وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعده، قال: إذا توضأت فاستبرئ، ثم خذ كفا من ماء فرشه على فرجك ولا تلتفت إليه، فإنه يذهب إن شاء الله. انتهى.

وسئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب بقوله: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها الذي جاء التنبيه عليه منه صلى الله عليه وسلم بقوله: اتقوا وسواس الماء الذي يقال له الولهان. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني